وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (١١٣) ﴾
وقوله :﴿ وَجَآءَ السحرة فِرْعَوْنَ ﴾ يدل على بطش الآمر، أي أنه ساعة قال الكلمة هُرع الجند بسرعة ليجمعوا السحرة. وقد ولغ بعض المستشرقين في هذه اللقطة أيضاً فتساءلوا : ولماذا جاء بقول مختلف في سورة أخرى حين قال :﴿ إِنَّ لَنَا لأَجْراً... ﴾ [ الشعراء : ٤١ ]
لقد جاء بها بهمزة الاستفهام، وفي سورة الأعراف جاء من غير همزة الاستفهام، وهذه آية قرآنية، وتلك آية قرآنية. وأصحاب هذا القول يتناسون أن كل ساحر من سحرة فرعون قد انفعل انفعالاً أدى به مطلوبه ؛ فالذي يستفهم من فرعون قال :" أإن "، والشجاع قال لفرعون :﴿ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً ﴾. وفي القضية الاستفهامية لا يتحتم الأجر لأنه من الجائز أن يرد الفرعون قائلا : أنْ لا أجر لكم، ولكن في القضية الخبرية " إن لنا لأجراً " اي أن بعض السحرة قد حكموا بضرورة وجود الأجر، وقد غطى القرآن هذا الاستفهام، وهذا الخبر.
وتأتي إجابة فرعون على طلب السحرة للأجر :﴿ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين... ﴾
و" نعم " حرف جواب قائمة مقام جملة هي : لكم أجر، وأضاف أيضاً :﴿ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين ﴾.
وهذا دليل على أنه ينافقهم أو يبالغ في مجاملتهم ؛ لأنه يحتاج إليهم أشد الحاجة. وهكذا نجد ألوهية فرعون قد خارت أمام المألوهين السحرة. وقوله :﴿ لَمِنَ المقربين ﴾ هذه تدل على فساد الحكم ؛ لأنه مادام حاكماً فعليه أن يكون كل المحكومين بالنسبة إليه سواء. لكن إذا ما كان هناك مقربون فالدائرة الأولى منهم تنهب على قدر قربها، والدائرة الثانية تنهب أيضاً، وكذلك الثالثة والرابعة فتجد كل الدوائر تمارس فسادها مادام الناس مصنفين عند الحاكم.


الصفحة التالية
Icon