فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ لِإِنْقَاذِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ حُكْمِهِ وَظُلْمِهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى ذَكَرَ إِرْسَالَ نُوحٍ فِي سُورَةِ يُونُسَ وَقَفَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ (١٠ : ٧٤) إِلَخْ، وَقَالَ بَعْدَ هَذَا : ثُمَّ بَعَثْنَا مَنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ (١٠ : ٧٥) وَمِنَ الْمَعْلُومِ عَقْلًا وَاسْتِنْبَاطًا أَنَّ التَّرَاخِيَ بَيْنَ بَعْثَةِ نُوحٍ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الرُّسُلِ زَمَانِيٌّ ؛ إِذْ كَانَ بَعْدَ تَنَاسُلِ الَّذِينَ نَجَوْا مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ، وَتَكَاثُرِهِمْ وَصَيْرُورَتِهِمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ، وَهَذَا الْإِجْمَالُ فِي سُورَةِ يُونُسَ فِي الرُّسُلِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي سَبَقَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَهَا أَوْ هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ ؛ فَإِنَّ الْأُمَمَ قَدْ كَثُرَتْ بَيْنَ نُوحٍ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا (١٦ : ٣٦) وَقَالَ لِخَاتَمِ رُسُلِهِ :
مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ (٤٠ : ٧٨) وَقَدْ بَيَّنَّا حِكْمَةَ تَخْصِيصِ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْهُمْ بِالذِّكْرِ، وَكَذَا مَنْ ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا.


الصفحة التالية
Icon