وقال ابن عطية :
وقرأ نافع وحده ﴿ عليّ ﴾ بإضافة " على " إليه، وقرأ الباقون " على " سكون الياء، قال الفارسي : معنى هذه القراءة أن " على " وضعت موضع الباء، كأنه قال حقيق بأن لا أقول على الله الحق كما وضعت الباء موضع " على " في قوله ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط ﴾ [ الأعراف : ٨٦ ] فيتوصل إلى المعنى بهذه، وبهذه وكما تجيء " على " أيضاً بمعنى عن، ومنه قول الشاعر في صفة قوسه :
أرمي عليها وهي فرع أجمع... وهي ثلاث أذرع وإصبع
قال القاضي أبو محمد : و﴿ حقيق على ﴾ هذا معناه جدير وخليق، وقال الطبري : قال قوم :﴿ حقيق ﴾ معناه حريص فلذلك وصلت ب ﴿ على ﴾، وفي هذا القول بعد، وقال قوم :﴿ حقيق ﴾ صفة لرسول تم عندها الكلام، وعلى خبر مقدم و﴿ أن لا أقول ﴾ ابتداء تقدم خبره، وإعراب ﴿ أن ﴾ على قراءة من سكن الياء خفض، وعلى قراءة من فتحها مشددة رفع، وقال الكسائي في قراءة عبد الله " حقيق بأن لا أقول "، وقال أبو عمرو في قراءة عبد الله :" حقيق أن أقول " وبه قرأ الأعمش، وهذه المخاطبة إذا تأملت غاية في التلطف ونهاية في القول اللين الذي أمر عليه السلام به.
وقوله ﴿ قد جئتكم ببينة من ربكم ﴾ الآية، البينة هنا إشارة إلى جميع آياته وهي على المعجزة هنا أدل، وهذا من موسى عرض نبوته ومن فرعون استدعاء خرق العادة الدالة على الصدق.