وقال أبو حيان :
ولما كان قوله ﴿ حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ﴾ أردفها بما يدلّ على صحتها وهو قوله ﴿ قد جئتكم ﴾ ولما قرر رسالته فرع عليها تبليغ الحكم وهو قوله ﴿ فأرسل ﴾ ولم ينازعه فرعون في هذه السورة في شيء مما ذكره موسى إلا أنه طلب المعجزة ودلّ ذلك على موافقته لموسى وأنّ الرسالة ممكنة لإمكان المعجزة إذ لم يدفع إمكانها بل قال :﴿ إن كنت جئت بآية ﴾ ويأتي الكلام على هذا الطلب من فرعون للمعجزة، وقرأ نافع ﴿ عليّ أن لا أقول ﴾ بتشديد الياء جعل ﴿ علي ﴾ داخلة على ياء المتكلم ومعنى ﴿ حقيق ﴾ جدير وخليق وارتفاعه على أنه صفة لرسول أو خبر بعد خبر و﴿ أن لا أقول ﴾ الأحسن فيه إن يكون فاعلاً بحقيق كأنه قيل يحقّ على كذا ويجب ويجوز أن يكون ﴿ أن لا أقول ﴾ مبتدأ و﴿ حقيق ﴾ خبره، وقال قوم : تمّ الكلام عند قوله ﴿ حقيق ﴾ و﴿ على أن لا أقول ﴾ مبتدأ وخبره، وقرأ باقي السبعة على بجرها ﴿ أن لا أقول ﴾ أي ﴿ حقيق ﴾ على قول الحق، فقال قوم : ضمن ﴿ حقيق ﴾ معنى حريص، وقال أبو الحسن والفرّاء والفارسي : على بمعنى الباء كما أنّ الباء بمعنى على في قوله
﴿ ولا تقعدوا بكل صراط ﴾ أي على كل صراط فكأنه قيل :﴿ حقيق ﴾ بأن لا أقول كما تقول فلان حقيق بهذا الأمر وخليق به ويشهد لهذا التوجيه قراة أبيّ بأن لا أقول وضع مكان على الباء، قال الأخفش : وليس ذلك بالمطرد لو قلت ذهبت على زيد تريد بزيد لم يجز، وقال الزمخشري : وفي المشهورة إشكال ولا يخلو من وجوه، أحدها : أن يكون مما يقلب من الكلام لا من الإلباس كقوله :
وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر...


الصفحة التالية
Icon