بل هو تجوز فيه مبالغة حسنة، وبأن ذلك من الإغراق في الوصف بالصدق بأن يكون قد جعل قول الحق بمنزلة رجل يجب عليه شيء ثم جعل نفسه أي قابليته لقول الحق وقيامه به بمنزلة الواجب على قول الحق فيكون استعارة مكنية وتخييلية، والمعنى أنا واجب على الحق أن يسعى في أن أكون قائله والناطق به فكيف يتصور مني الكذب، واعترضه القطب الرازي وغيره بأنه إنما يتم لو كان هو حقيقاً على قول الحق وليس كذلك بل على قوله الحق، وجعل قوله الحق بحيث يجب عليه أن يسعى في أن يكون قائله لا معنى له.
وأجيب بأن مبني ذلك على أن المصدر المؤول لا بد من إضافته إلى ما كان مرفوعاً به وليس بمسلم فإنه قد يقطع النظر عن ذلك.
وقد صرح بعض النحاة بأن قد يكون نكرة نحو ﴿ وَمَا كَانَ هذا القرءان أَن يَفْتَرِى ﴾ [ يونس : ٣٧ ] أي افتراء، وههنا قد قطع النظر فيه عن الفاعل إذ المعنى حقيق على قول الحق وهو محصل مجموع الكلام فلا إشكال، وذكر ابن مقسم في توجيه الآية على قراءة الجمهور وادعى أنه الأولى أن ﴿ عَلَى أَن لا أَقُولَ ﴾ متعلق برسول إن قلنا بجواز إعمال الصفة إذا وصفت وإن لم نقل به وهو المشهور فهو متعلق بفعل يدل عليه أي أرسلت على أن لا أقول الخ، والأولى عندي كون علي بمعنى الباء، ويؤيده قراءة أبي بأن لا أقول.