وقال الوَاحِدِيُّ نَاقِلاً عن غيره :" إنَّهُ مع قراءةِ نافع محتمل للأمرين، ومع قراءة العامَّةِ بمعنى مفعول فإنَّهُ قال :" وحقيقق على هذا القراءةِ - يعني قراءة نَافِعٍ - يجوز أن يكون بمعنى فاعل ".
قال شمرٌ :" تقولُ العربُ : حقَّ عليَّ أن أفعل كذا ".
وقال الليثُ :" حقَّ الشَّيء معناه وجب، ويحقُّ عليك أن تفعله، وحقيق عليَّ أنْ أفعله، فهذا بمعنى فاعلٍ " ثم قال : وقال اللَّيْثُ : وحقيقٌ بمعنى مفعول، وعلى هذا تَقُولُ : فلان محقوقٌ عليه أن يفعل.
قال العشى :[ الطويل ]
٢٥٣٧ - لَمَحْقُوقَةٌ أنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ...
وَأنْ تَعْلَمِي أنَّ المُعَانَ مُوَفَّقْ
وقال جريرٌ :[ البسيط ]
٢٥٣٨ -.........
قَصَّرْ فَإنَّكَ بالتَّقْصيرِ مَحْقُوقُ
ثم قال :" وحقيقٌ على هذه القراءة - يعني قراءة العامَّة - بمعنى محقوق " انتهى.
[ وقرأ أبَيٌّ " بأن لا أقُولَ " وهذه تقوي أنَّ " على " بمعنى الباء ].
وقرأ عبدُ الله والأعمشُ " لاّ أقُولَ " دون حرف جرّ، فاحتمل أن يكون ذلك الجارّ " على " كما هو قراءة العامَّةِ، وأن يكون الجارُّ الباء كقراءة أبيّ المتقدمة.
والحقُّ هو الثابت الدَّائِمُ، والحقيق مبالغة فيه.
قوله :" إلاَّ الحَقَّ " هذا استثناء مفرَّغٌ، و" الحقُّ " يجوزُ أن يكون مفعولاً به، لأنَّهُ يتضمن معنى جملة، وأن يكون منصوباً على المصدر أي : القول الحق. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ٢٤٦ ـ ٢٤٩﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآيتين
قال عليه الرحمة :
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٠٥) ﴾
الرجوعُ إلى دعاء فرعون إلى الله بعد سماع كلام الله بلا واسطة صعبٌ شديد، ولكنه لمَّا وَرَدَ الأمرُ قابله بحسن القبول، فلما ترك اختيار نفسه أيّده الحق - سبحانه - بنور التأييد حتى شَاهَدَ فرعونَ محواً في التقدير فقال :﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الحَقَّ ﴾ فإذا لم يصح له أن يقول على الخلق ؛ فالخلق محوٌ فيما هو الوجود الأزلي فأيُّ سلطانٍ لآثار التفرقة في حقائق الجمع؟. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٥٥٥﴾


الصفحة التالية
Icon