وقال ابن عاشور :
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧) ﴾
والإلقاء : الرمي على الأرض أو في الماء أو نحو ذلك، أي : فرمى عصاه من يده.
و( إذا ) للمفاجأة وهي حدوث الحادث عن غير ترقب.
والثعبان : حية عظيمة، و ﴿ مبين ﴾ اسم فاعل من أبان القاصر المرادف لبان، أي ظهر، أي : الظاهر الذي لا شك فيه ولا تخيل.
ونزع : أزال اتصال شيء عن شيء، ومنه نزع ثوبه، والمعنى هنا أنه أخرج يده من جيب قميصه بعد أن أدخلها في جيبه كما في سورة النمل وسورة القصص فلما أخرجها صارت بيضاء، أي بياضاً من النور.
وقد دل على هذا البياض قوله :﴿ للناظرين ﴾، أي بياضاً يراه الناظرون رؤية تعجب من بياضها.
فالمقصود من ذكر قوله :﴿ للناظرين ﴾ تتميم معنى البياض.
واللام في قوله :﴿ للناظرين ﴾ لم يعرج المفسرون على بيان معناها وموقعها سوى أن صاحب "الكشاف" قال :"يتعلق للناظرين ببيضاء" دون أن يبين نوع التعلق ولا معنى اللام، وسكت عليه "شراحه" والبيضاوي، وظاهر قوله يتعلق أنه ظرف لغو تعلق ببيضاء فلعله لما في بيضاء من معنى الفعل كأنه قيل : ابيضّت للناظرين كما يتعلق المجرور بالمشتق فتعين أن يكون معنى اللام هو ما سماه ابن مالك بمعنى التعدية وهو يريد به تعدية خاصة ( لا مطلقَ التعدية أي تعدية الفعل القاصر إلى ما لا يتعدى له بأصل وضعه لأن ذلك حاصل في جميع حروف الجر، فلا شك أنه أراد تعدية خاصة لم يبين حقيقتها.
وقد مثل لها في "شرح الكافية" بقوله تعالى :﴿ فهب لي من لدنك ولياً ﴾ [ مريم : ٥ ] وجعل في "شرح التسهيل" هذا المثال مثالاً لمعنى شبه الملك، واختار ابن هشام أن يمثل للتعدية بنحو ما أضرب زيداً لعمرو.


الصفحة التالية
Icon