وهذه آية معجزة أخرى. وقوله :" ونزع " تعني إخراج اليد بعسر، كأن هناك شيئاً يقاوم إخراج اليد ؛ لأنه لو كان إخراج اليد سهلاً، لما قال الحق :﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ ﴾ لأنَّ النزع يدل على أن شيئاً يقاوم، ومثال ذلك قوله الحق :﴿ قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ... ﴾ [ آل عمران : ٢٦ ]
لأن نزع الملك ليس مسألة سهلة ؛ ففي الغالب يحاول صاحب الملك التشبث بملكه، لكن الحق ينزعه من هذا الملك. كذلك قوله :﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ ﴾، وهذا يدل على أن يده لها وضع، ونزع يده وإخراجها بشدة له وضع آخر، كأنها كانت في مكان حريص عليها. إذن ففيه لقطة بينت الإِدخال، ولقطة بينت النزع، وهما عمليتان اثنتان. وقال سبحانه في آية ثانية :﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سواء... ﴾ [ النمل : ١٢ ]
و" الجيب " هو مكان دخول الرأس من الثوب، وإن كنا نسمي " الجيب " في أيامنا مطلق شيء نجعله وعاء لما نحب، وكان الأصل أن الإِنسان حين يريد أن يحتفظ بشيء، يضعه في مكان أمامه وتحت يده، ثم صنع الناس الجيوب في الملابس، فسميت الجيوب جيوباً لهذا.
والحق قال في موضع آخر :﴿ واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سواء آيَةً أخرى ﴾ [ طه : ٢٢ ]


الصفحة التالية
Icon