قوله :" للنَّاظرينَ " متعلق بمحذوف لأنَّهُ صفة لـ " بيضاء " وقال الزَّمخشريُّ :" فإن قلت : بم تعلق للناظرين؟ قلت : يتعلَّقُ بـ " بيضاء " والمعنى : فإذا هي بيضاء للنَّظارة، ولا تكون بيضاء للنَّظَّارةِ إلا إذا كان بياضها بياضاً عجيباً خارجاً عن العادةِ، يجتمعُ النَّاس للنَّظر إليه، كما يجتمع النَّظَّارة للعجائب ".
وهذا الذي ذكره الزمخشريُّ تفسير معنى لا تفسير إعراب، وكيف يريدُ تفسير الإعراب؟ وإنَّما أراد التعلُّق المعنويُّ لا الصّناعي، كقولهم : هذا الكلامُ يتعلق بهذا الكلام.
أي إنَّهُ من تتمَّةِ المعنى له. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ٢٥٠ ـ ٢٥١﴾. باختصار يسير.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآيتين
قال عليه الرحمة :
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧) ﴾
إنما أظهر له المعجزةَ مِنْ عَصَاه لطولِ مقارنته إياها، فالإنسانُ إلى ما أَلِفَه أَسْكَنُ بقلبه. فلمَّا رأى ما ظهر في العصا من الانقلاب أخذ موسى عليه السلام في الفرار لتحققه بأن ذلك من قهر الحقائق، وفي هذا إشارة إلى أنَّ السكونَ إلى شيءٍ غِرَّةٌ وغفلةٌ ايش ما كان، فإنَّ تقلب العبد في قَبْضِ القدرة، وهو في أَسْر التقلُّب، وليس للطمع في السكون مساغٌ بحال.
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) ﴾
العصا - وإِنْ كانت معه من زمنٍ - فَيَدُه أخصُّ به لأنها عضو له، فكاشَفَه أولاً بِرَسْمٍ مِنْ رسْمِه ثم أشهده من ذاته في ذاته ما عَرَفَ أنه أوْلى به منه، فلما رأى انقلابَ وصفٍ في يده عَلمَ أنه ليس بشيء من أمره بيده. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٥٥٥ ـ ٥٥٦﴾