الجواب الثالث : أن موسى علم أنهم لا بد أن يلقوا تلك الحبال والعصي وإنما وقع التخيير في التقديم والتأخير فأذن لهم في التقديم لتظهر معجزته أيضاً بغلبهم لأنه لو ألقى أولاً لم يكن له غلب وظهور عليهم فلهذا المعنى أمرهم بالإلقاء أولاً ﴿ فلما ألقوا ﴾ يعني حبالهم وعصيهم ﴿ سحروا أعين الناس ﴾ يعني صرفوا أعين الناس عن إدراك حقيقة ما فعلوا من التمويه والتخييل وهذا هو السحر وهذا هو الفرق بين السحر الذي هو فعل البشر وبين معجزة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام التي هي فعل الله وذلك لأن السحر قلب الأعين وصرفها عن إدراك ذلك الشيء والمعجزة قلب نفس الشيء عن حقيقته كقلب عصا موسى عليه الصلاة والسلام حية تسعى ﴿ واسترهبوهم ﴾ يعني أرهبوهم وأفزعوهم بما فعلوه من السحر وهذا قوله تعالى :﴿ وجاؤوا ﴾ يعني السحرة ﴿ بسحر عظيم ﴾ وذلك انهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً فإذا هي حيات كأمثال الجبال قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضاً، ويقال : إنهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً فغذا هي حيات كأمثال الجبال قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضاً، ويقال : إنهم طلوا تلك الحبال بالزئبق وجعلوا داخل تلك العصي زئبقاً أيضاً وألقوها على الأرض فلما أثر الشمس فيها تحركت والتوى بعضها على بعض حتى تخيل للناس أنها حيات.


الصفحة التالية
Icon