قوله عز وجل :﴿ قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم ﴾ يعني فرعون للسحرة آمنتم بموسى وصدقتموه قبل أن آمركم به وآذن لكم فيه ﴿ إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة ﴾ يعني إن هذا الصنع الذي صنعتموه أنتم وموسى في مدينة مصر قبل خروجكم إلى هذا الموضع وذلك أن فرعون رأى موسى يحدث كبير السحرة فظن فرعون أن موسى وكبير السحرة قد تواطآ عليه وعلى أهل مصر وهو قوله ﴿ لتخرجوا منها أهلها ﴾ وتستولوا عليها أنتم ﴿ فسوف تعلمون ﴾ فيه وعيد وتهديد يعني : فسوف تعلمون ما أفعل بكم ثم فسر ذلك الوعيد فقال ﴿ لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ﴾ وهو أن تقطع إحدى اليدين وإحدى الرجلين فيخالف بينهما في القطع ﴿ ثم لأصلبنكم أجمعين ﴾ يعني على شاطئ نيل مصر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أول من صلب وأول من قطع الأيدي والأرجل فرعون ﴿ قالوا ﴾ يعني مجيبين لفرعون حين وعدهم بالقتل ﴿ إنا إلى ربنا منقلبون ﴾ إنا إلى ربنا راجعون وإليه صائرون في الآخرة.
﴿ وما تنقم منا ﴾ وما تكره منا وما تطعن علينا وقال عطاء : معناه وما لنا عندك من ذنب تعذبنا عليه ﴿ إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ﴾ ثم فزعوا إلى الله تعالى وسألوه الصبر على تعذيب فرعون إياهم فقالوا ﴿ ربنا أفرغ علينا صبراً ﴾ أي اصبب علينا صبراً كاملاً تاماً ولهذا أتى بلفظ التنكير يعني صبراً وأي صبر عظيم ﴿ وتوفنا مسلمين ﴾ يعني واقبضنا على دين الإسلام وهو دين خليلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال ابن عباس رضي الله عنهما : كانوا في أول النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء.
قال الكلبي : إن فرعون قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم غير أنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى :﴿ لا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ﴾. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾