والحق هو الثابت الدائم والحقيق. مبالغة فيه وكأن المعنى : أنا ثابت مستمرّ على أن لا أقول على الله إلا الحق قرأ نافع عليّ بالتشديد فحقيق مبتدأ خبره أن وما بعدها والباقون بالسكون وعلى هذا تكون على بمعنى الباء أو يضمن حقيق معنى حريص وأن لا مقطوعة في الرسم أي : النون من لام الألف ﴿قد جئتكم ببينة﴾ أي : معجزة ﴿من ربكم﴾ على صدقي فيما أدعي من الرسالة وهي العصا واليد البيضاء ثم إن موسى عليه السلام لما فرّغ من تبليغ رسالته رتب على ذلك الحكم قوله :﴿فأرسل معي بني إسرائيل﴾ أي : فخلهم حتى يرجعوا معي إلى الأرض المقدّسة التي هي وطن آبائهم وكان قد استعبدهم واستخدمهم في الأعمال الشاقة من ضرب اللبن ونقل التراب ونحوهما ﴿قال﴾ فرعون لعنه الله مجيباً لموسى عليه السلام ﴿إن كنت جئت بآية﴾ أي : علامة على صحة رسالتك ﴿فأت بها إن كنت من الصادقين﴾ أي : في عداد أهل الصدق العريقين فيه لتصح دعواك عندي وتثبت.
﴿فألقى عصاه فإذا هي﴾ أي : العصا ﴿ثعبان مبين﴾ أي : ظاهر أمره لا شك فيه أنه ثعبان، والثعبان الذكر العظيم من الحيات.
فإن قيل : أليس قال الله تعالى في موضع :﴿كأنها جان﴾ (النمل، )
والجان الحية الصغيرة ؟
أجيب : بأنها كانت كالجان في الخفة والحركة وهي في جثتها حية عظيمة. روي أنه لما ألقاها صارت حية عظيمة صفراء شقراء فاغرة فاها بين لحييها ثمانون ذراعاً وارتفعت عن الأرض بقدر ميل وقامت على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر وتوجهت نحو فرعون لتأخذه فوثب فرعون عن سريره هارباً وأحدث قيل : أخذته البطن في ذلك اليوم أربعمائة مرّة وقد قيل : إنه كان يأكل الموز حتى لا يتغوّط وحملت على الناس فانهزموا وصاحوا ومات منهم خمسة وعشرون ألفاً ودخل فرعون البيت وصاح يا موسى أنشدك الله الذي أرسلك أن تأخذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذها موسى فعادت عصا كما كانت ثم قال : هل معك آية أخرى قال : نعم.