﴿لأقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف﴾ أي : يخالف الطرف الذي تقطع منه اليد الطرف الذي تقطع منه الرجل، قال الكلبي : لأقطعنّ أيديكم اليمنى وأرجلكم اليسرى ﴿ثم لأصلبنكم﴾ أي : أعاقبكم ممددة أيديكم لتصير على هيئة الصليب أو حتى يتقاطر صليبكم وهو الدهن الذي فيكم ﴿أجمعين﴾ أي : لا أترك منكم أحداً تفضيحاً لكم وتنكيلاً لأمثالكم قال ابن عباس : أوّل من صلب وقطع الأيدي والأرجل فرعون أي : إنه أوّل من سنّ ذلك فشرعه الله تعالى للقطاع تعظيماً لجرمهم ولذلك سماه محاربة الله ورسوله ولكن على التعاقب لفرط رحمته.
﴿قالوا﴾ أي : السحرة مجيبين لفرعون حين وعدهم بما ذكر ﴿إنا إلى ربنا﴾ بعد موتنا على أيّ وجه كان ﴿منقلبون﴾ أي : راجعون إليه في الآخرة.
﴿وما تنقم﴾ أي : تنكر ﴿منا﴾ أي : في فعلك ذلك بنا وتعيب علينا ﴿إلا أن آمنا﴾ أي : إلا ما هو أصل المفاخر كلها وهو الإيمان ﴿بآيات ربنا لما جاءتنا﴾ لم نتأخر عن معرفة الصدق وهذا موجب الإكرام لا الإنتقام ثم فزعوا إلى الله تعالى فقالوا :﴿ربنا أفرغ علينا صبراً﴾ عندما توعدهم فرعون به أي : اصبب علينا صبراً كاملاً تاماً ولهذا أتى بلفظ التنكير أي : صبراً وأيّ صبر عظيم ﴿وتوفنا مسلمين﴾ أي : واقبضنا على دين الإسلام وهو دين خليلك عليه السلام قال ابن عباس : كانوا في أوّل النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء، قال الطيبيّ : إنّ فرعون قطع أيديهم وأرجلم وصلبهم، وقال غيره : إنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى :﴿بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون﴾ (القصص، ).