وقال الفراء : فتبين الحق من السحر.
قال أهل المعاني : الوقوع : ظهور الشيء بوجوده نازلاً إلى مستقره، وسبب هذا الظهور أن السحرة قالوا لوكان ما صنع موسى سحراً لبقيت حبالنا وعصينا ولم تفقد، فلما فقدت ثبت أن ذلك إنما حصل بخلق الله سبحانه وتعالى وتقديره، لا لأجل السحر، فهذا هو الذي لأجله تميز المعجز عن السحر.
قال القاضي قوله :﴿فَوَقَعَ الحق﴾ يفيد قوة الثبوت والظهور بحيث لا يصح فيه البطلان كما لا يصح في الواقع أن يصير لا واقعاً.
فإن قيل : قوله :﴿فَوَقَعَ الحق﴾ يدل على قوة هذا الظهور، فكان قوله :﴿وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ تكريراً من غير فائدة!
قلنا : المراد أن مع ثبوت هذا الحق زالت الأعيان التي أفكوها وهي تلك الحبال والعصي، فعند ذلك ظهرت الغلبة، فلهذا قال تعالى :﴿فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ﴾ لأنه لا غلبة أظهر من ذلك ﴿وانقلبوا صاغرين﴾ لأنه لا ذل ولا صغار أعظم في حق المبطل من ظهور بطلان قوله وحجته، على وجه لا يمكن فيه حيلة ولا شبهة أصلاً قال الواحدي : لفظة ﴿مَا﴾ في قوله :﴿وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ يجوز أن تكون بمعنى "الذي" فيكون المعنى بطل الحبال والعصي الذي عملوا به السحر أي زال وذهب بفقدانها ويجوز أن تكون بمعنى المصدر كأنه قيل بطل عملهم، والله أعلم.
﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon