وجوز أبو البقاء كونه حالاً من ضمير ﴿ انقلبوا ﴾ [ الأعراف : ١١٩ ] وليس بشيء، وقيل : هو حال من ﴿ السحرة ﴾ [ الأعراف : ١٢٠ ] أو من ضميرهم المستتر في ﴿ ساجدين ﴾ [ الأعراف : ١٢٠ ] أي أنهم ألقوا ساجدين حال كونهم قائلين ﴿ ءامَنَّا بِرَبّ العالمين ﴾ أي مالك أمرهم والمتصرف فيهم.
﴿ رَبّ موسى وهارون ﴾
بدل مما قبل وإنما أبدلوا لئلا يتوهم أنهم أرادوا فرعون ولم يقتصروا على موسى عليه السلام إذ ربما يبقى للتوهم رائحة لأنه كان ربي موسى عليه السلام في صغره، ولذا قدم هرون في محل آخر لأنه أدخل في دفع التوهم أو لأجل الفاصلة أو لأنه أكبر سناً منه، وقدم موسى هنا لشرفه أو للفاصلة، وأما كون الفواصل في كلام الله تعالى لا في كلامهم فقد قيل : إنه لا يضر، وروى أنهم لما قالوا :﴿ آمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِين ﴾ [ الأعراف : ١٢١ ] قال فرعون : أنا رب العالمين فقالوا رداً عليه : رب موسى وهرون، وإضافة الرب إليهما كإضافته إلى العالمين، وقيل : إن تلك الإضافة على معنى الاعتقاد أن الرب الذي يعتقد ربوبيته موسى وهرون ويكون عدم صدقه على فرعون بزعمه أيضاً ظاهراً جداً إلا أن ذلك خلاف الظاهر من الإضافة، ويعلم مما قدمنا سر تقديم السجود على هذا القول.
وقال الخازن في ذلك : إن الله تعالى لما قذف في قلوبهم الإيمان خروا سجداً لله تعالى على ما هداهم إليه وألهمهم من الإيمان ثم أظهروا بذلك إيمانهم، وقيل : إنهم بادروا إلى السجود تعظيماً لشأنه تعالى لما رأوا من عظيم قدرته ثم إنهم أظهروا الإيمان، ومن جعل الجملة حالا قال بالمقارنة فافهم، وأول من بادر بالإيمان كما وري عن ابن إسحاق الرؤساء الأربعة الذيت ذكرهم ابن الجوزي ثم اتبعتهم السحرة جميعاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾