وقال الشيخ الشعراوى :
وقوله :﴿ فَوَقَعَ الحق ﴾ أي صار الحق النظري واقعاً ملموساً ؛ لأن هناك فارقاً بين كلام نظريًّا وكلام يؤيده الواقع، والوقوع عادة يكون من أعلى بحيث يراه ويعرفه كل من يراه.
وقوله سبحانه :﴿ فَوَقَعَ الحق ﴾ أي ثبت الحق، فبعد أن كان كلاماً خبريًّا يصح أن يصدَّق ويصح أن يُكَذب. صار بصدقه واقعاً. ﴿ فَوَقَعَ الحق وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾.
والذي بطل هو ما كانوا يعملون من السحر. إن الحق جعل الصدق موسى واقعاً مشهوداً. وبذلك غُلب السحرة.
ويقول الحق :﴿ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صَاغِرِينَ ﴾
ولم يغلب السحرة فقط، بل غلب أيضاً فرعون وجماعته، وعاش كل من هو ضد موسى في صَغَار، صغار للمستدعِي وصغار للمستدعَى. لذلك ذيل الحق الآية بقوله :﴿ وانقلبوا صَاغِرِينَ ﴾ أي أذلاء.
ويقول الحق بعد ذلك :﴿ وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ ﴾
ولم يقل الحق : وسجد السحرة، ولكنه قال :" ألقى " مما يدل على أن خرورهم للسجود ليس برأيهم، لكنه عملية انبهارية مما حصل أمامهم، كأن شيئاً آخر ألقاهم ساجدين، وهو الانبهار بالحق. فالساحر منهم كان يعتقد أنه هو الذي يسحر، ثم يفاجأ مجموع السحرة أن موسى حين ألقى عصاه رأوها حية بالفعل فعرفوا أن المسألة ليست سحراً، وحينما ألقوا عصيهم وحبالهم التي جاءوا بها من كل المدائن، قيل إنها حُملت على سبعين بعيراً وشاهدوا كيف أن العصا التي صارت حية أو ثعباناً لقفت كل هذا وابتلعته! وحجم العصا هو حجم العصا مهما طالت، وهكذا تيقن أن هذا لا يمكن أن يكون من فعل ساحر، وانظر إلى الاستجابة منهم لمَّا رأوا :﴿ قالوا آمَنَّا بِرَبِّ العالمين ﴾