فصل


قال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى ﴾ أي من بعد نوح وهود وصالح ولوط وشعيب أي ثم أرسلنا موسى بعد إرسالنا لهؤلاء الرسل.
وقيل : الضمير في ﴿ مّن بَعْدِهِمْ ﴾ راجع إلى الأمم السابقة، أي من بعد إهلاكهم ﴿ إلى فِرْعَوْنَ وملئه ﴾ فرعون هو لقب لكل من يملك أرض مصر بعد العمالقة.
وملأ فرعون : أشراف قومه، وتخصيصهم بالذكر مع عموم الرسالة لهم ولغيرهم، لأن من عداهم كالأتباع لهم.
قوله :﴿ فَظَلَمُواْ بِهَا ﴾ أي كفروا بها.
وأطلق الظلم على الكفر، لكون كفرهم بالآيات التي جاء بها موسى كان كفراً متبالغاً، لوجود ما يوجب الإيمان من المعجزات العظيمة التي جاءهم بها.
والمراد بالآيات هنا : هي الآيات التسع.
أو معنى :﴿ فَظَلَمُواْ بِهَا ﴾ ظلموا الناس بسببها لما صدّوهم عن الإيمان بها، أو ظلموا أنفسهم بسببها ﴿ فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين ﴾ أي المكذبين بالآيات الكافرين بها، وجعلهم مفسدين، لأن تكذيبهم وكفرهم من أقبح أنواع الفساد.
قوله :﴿ وَقَالَ موسى يافرعون إِنّى رَسُولٌ مِن رَّبّ العالمين ﴾ أخبره بأنه مرسل من الله إليه، وجعل ذلك عنواناً لكلامه معه، لأن من كان مرسلاً من جهة من هو رب العالمين أجمعين، فهو حقيق بالقبول لما جاء به، كما يقول من أرسله الملك في حاجة إلى رعيته : أنا رسول الملك إليكم، ثم يحكي ما أرسل به فإن في ذلك من تربية المهابة، وإدخال الروعة، مالا يقادر قدره.
قوله :﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق ﴾ قرىء " حقيق عليّ أن لا أقول " أي واجب عليّ، ولازم لي، أن لا أقول فيما أبلغكم عن الله إلا القول الحق، وقرىء ﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ ﴾ بدون ضمير في " على " ؛ قيل : في توجيهه إن " على " معنى الباء، أي حقيق بأن لا أقول.
ويؤيده قراءة أبيّ والأعمش، فإنهما قرآ "حقيق بأن لا أقول".


الصفحة التالية
Icon