وقال الآلوسى :
﴿ قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) ﴾
﴿ قَالُواْ ﴾ استئناف بياني ﴿ إِنَّا إلى رَبّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾ أي إلى رحمته سبحانه وثوابه عائدون إن فعلت بنا ذلك فيا حبذاه.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن جبير أن السحرة حين خروا سجداً رأوا منازلهم تبنى لهم، وأخرج عن الأوزاعي أنهم رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها، ويحتمل أنهم أرادوا إنا ولا بد ميتون فلا ضير فيما تتوعدنا به والأجل محتوم لا يتأخر عن وقته :
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره...
تعددت الأسباب والموت واحد
ويحتمل أيضاً أن المعنى إنا جميعاً ننقلب إلى الله تعالى فيحكم بيننا :
إلى ديان يوم الدين نمضي...
وعند الله تجتمع الخصوم
وضمير الجمع على الأول للسحرة فقط، وعلى الثالث لهم ولفرعون، وعلى الثاني يحتمل الأمرين.
﴿ وَمَا تَنقِمُ ﴾ أي ما تكره، وجاء في الماضي نقم ونقم على وزن ضرب وعلم ﴿ مِنَّا ﴾ معشر من آمن :
﴿ إلاَّ أنْ آمَنَّا بآيات رَبّنَا لَمَّا جَاءتْنَا ﴾ وذلك أصل المفاخر وأعظم المحاسن، والاستثناء مفرغ، والمصدر في موضع المفعول به، والكلام على حد قوله :
ولا عيب فيهم غير أن ضيوفهم...
تعاب بنسيان الأحبة والوطن
وقيل : إن ﴿ تَنقِمُ ﴾ مضارب نقم بمعنى عاقب، يقال : نقم نقماً وتنقاما وانتقم إذا عاقبه، وإلى هذا يشير ما روى عن عطاء، وعليه فيكون ﴿ مِنَّا إِلاَّ ﴾ في موضع المفعول له، والمراد على التقديرين حسن طمع فرعون في نجع تهديده إياهم، ويحتمل أن يكون على الثاني تحقيقاً لما أشاروا إليه أولاً من الرحمة والثواب.