وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بالسنين ﴾
يعني الجدوب.
وهذا معروف في اللغة ؛ يقال : أصابتهم سَنَة، أي جَدب.
وتقديره جَدْبُ سنة.
وفي الحديث :" اللَّهُمَّ اجعلها عليهم سِنين كسِني يوسفَ " ومن العرب من يُعرب النون في السنين ؛ وأنشد الفراء :
أرَى مَرّ السنينِ أخَذْنَ مِنّي...
كما أخَذَ السِّرار من الهلال
قال النحاس : وأنشد سيبويه هذا البيت بفتح النون ؛ ولكن أنشد في هذا مالا يجوز غيره، وهو قوله :
وقد جَاوَزْتُ رأسَ الأربعينِ...
وحكى الفراء عن بني عامر أنهم يقولون : أقمتُ عنده سِنِيناً يا هذا ؛ مصروفاً.
قال : وبنو تميم لا يصرفون ويقولون : مضت له سنينُ يا هذا.
وسنينُ جمع سنة، والسنة هنا بمعنى الجدب لا بمعنى الحَوْل.
ومنه أسْنَتَ القوم أي أجدبوا.
قال عبد الله بن الزِّبَعْرى :
عَمْرُو العُلاَ هَشَمَ الثَّرِيد لقومه...
ورجالُ مكةَ مُسنِتُون عِجافُ
﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ أي ليتعظوا وترِق قلوبهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله :﴿ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ﴾
يعني بالقحط والجدب.
تقول العرب : مستهم السنة بمعنى أخذهم الجدب في السنة ويقال أسنتوا كما يقال أجدبوا قال الشاعر :
ورجال مكة مسنتون عجاف...
ومنه قوله ( ﷺ ) " اللهم اجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف " ومعنى الآية : ولقد أخذنا آل فرعون بالجدب والقحط والجوع سنة بعد سنة ﴿ ونقص من الثمرات ﴾ يعني وإتلاف الغلات بالآفات.
قال قتادة أما السنون فلأهل البوادي وأما نقص الثمرات فلأهل الأمصار ﴿ لعلهم يذكرون ﴾ يعين لعلهم يتعظون فيرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصي وذلك لأن الشدة ترقق القلوب وترغب فيما عند الله من الخير. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon