وقال السمرقندى :
قوله تعالى ﴿ وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِى الأرض ﴾
يعني : إن السحرة قد آمنوا به فلو تركتهما يؤمن بهما جميع أهل مصر، فيفسدوا في الأرض يعني : موسى وقومه ويغيروا عليك دينك في أرض مصر ﴿ وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ ﴾ وذلك أن فرعون كان قد جعل لقومه أصناماً يعبدونها، وكان يقول لهم هؤلاء أربابكم الصغار، وأنا ربكم الأعلى.
فذلك قوله تعالى :﴿ وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ ﴾ يعني : يدعك ويدع أصنامك التي أمرت بعبادتها.
وروي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ ﴾ يعني : عبادتك وتعبدك.
قال ابن عباس : كان فرعون يُعْبد ولا يَعْبُد.
ويقال : معنى قوله :﴿ أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِى الأرض ﴾ يعني : يغلبوا عليكم، ويقتلون أبناءكم، ويستحيون نساءكم كما فعلتم بهم كما قال في آية أُخرى ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذرونى أَقْتُلْ موسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إنى أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى الأرض الفساد ﴾ [ غافر : ٢٦ ] فقال لهم فرعون :﴿ سَنُقَتّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِى نِسَاءهُمْ ﴾ لأنهم قد كانوا تركوا قتل الأبناء، فأمرهم أن يرجعوا إلى ذلك الفعل.
قرأ ابن كثير ونافع ﴿ سَنُقَتّلُ أَبْنَاءهُمْ ﴾ بجزم القاف والتخفيف.
وقرأ الباقون بالتشديد على معنى التكثير والمبالغة في القتل.
ثم قال :﴿ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهرون ﴾ أي : مسلطون. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon