فصل


قال الفخر :
اعلم أنه تعالى حكى عنهم في الآية الأولى أنهم لجهلهم أسندوا حوادث هذا العالم لا إلى قضاء الله تعالى وقدره، فحكى عنهم في هذه الآية نوعاً آخر من أنواع الجهالة والضلالة، وهو أنهم لم يميزوا بين المعجزات وبين السحر، وجعلوا جملة الآيات مثل انقلاب العصا حية من باب السحر منهم.
وقالوا لموسى : إنا لا نقبل شيئاً منها ألبتة.
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
في كلمة ﴿مَهْمَا﴾ قولان : الأول : أن أصلها "ماما" الأولى هي "ما" الجزاء، والثانية هي التي تزاد توكيداً للجزاء، كما تزاد في سائر حروف الجزاء، كقولهم : إما ومما وكيفما قال الله تعالى :﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ﴾ [ الأنفال : ٥٩ ] وهو كقولك : إن تثقفنهم، ثم أبدلوا من ألف "ما" الأولى "ها" كراهة لتكرار اللفظ، فصار "مهما" هذا قول الخليل والبصريين.
والثاني : وهو قول الكسائي الأصل "مه" التي بمعنى الكف، أي أكفف دخلت على "ما" التي للجزاء كأنهم قالوا أكفف ما تأتنا به من آية فهو كذا وكذا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon