وقال أبو السعود :
﴿ وَقَالُواْ ﴾ شروعٌ في بيان بعضٍ آخَرَ مما أُخذ به آلُ فرعونَ من فنون العذاب التي هي في أنفسها آياتٌ بيناتٌ. وعدمُ ارعوائِهم مع ذلك عما كانوا عليه من الكفر والعناد أي قالوا بعد ما أرادوا ما أرادوا من شأن العصا والسنينَ ونقصِ الثمرات :﴿ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ ﴾ كلمةُ مهما تستعمل للشرط والجزاءِ وأصلُها ما الجزائية ضُمت إليها ما المزيدةُ للتأكيد كما ضُمّت إلى أين وإن في ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ ﴾ ﴿ أَمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ﴾ خلا أن ألِفَ الأولى قُلبت هاءً حذَراً من تكرير المتجانسين. هذا هو الرأيُ السديدُ، وقيل : مه كلمةٌ يصوِّتُ بها الناهي ضُمّت إليها ما الشرطيةُ ومحلُّها الرفعُ بالابتداء أو النصبُ بفعل يفسره ما بعدها، أي أيُّ شيءٍ تظهره لدينا وقوله تعالى :﴿ مّنْ ءايَةٍ ﴾ بيانٌ لهما، وتسميتُهم إياها آيةً لمجاراتهم على رأي موسى عليه السلام واستهزائِهم بها وللإشعار بأن عنوانَ كونِها آيةً لا يؤثر فيهم وقوله تعالى :﴿ لّتَسْحَرَنَا بِهَا ﴾ إظهارٌ لكمال الطغيانِ والغلوّ فيه وتسميةِ الإرشادِ إلى الحق بالسحر وتسكير الأبصار، والضميران المجروران راجعان إلى مهما وتذكيرُ الأولِ لمراعاة جانب اللفظِ لإبهامه، وتأنيثُ الثاني للمحافظة على جانب المعنى لتبيينه بآية كما في قوله تعالى :﴿ مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ ﴾ ﴿ فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ بمصدِّقين لك ومؤمنين لنبوتك. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon