وقال ابن عاشور :
﴿ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾
جملة :﴿ وقالوا ﴾ معطوفة على جملة ﴿ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ﴾ [ الأعراف : ١٣٠ ] الآية، فهم قابلوا المصائب التي أصابهم الله بها ليذكّروا، بازدياد الغرور فأيسوا من التذكر بها، وعاندوا موسى حين تحداهم بها فقالوا : مَهْما تأتنا به من أعمال سحرك العجيبة فما نحن لك بمؤمنين، أي : فلا تتعب نفسك في السحر.
و﴿ مهما ﴾ اسم مضمن معنى الشرط، لأن أصله ( ما ) الموصولة أو النكرة الدالة على العموم، فركبّت معها ( ما ) لتصييرها شرطية كما ركبت ( ما ) مع ( أي ) و ( متى ) و ( أيْنَ ) فصارت أسماء شرط، وجعلت الألف الأولى هاء اسْتثقالاً لتكرير المتجانسين، ولقرب الهاء من الألف فصارت مهما، ومعناها : شيء ما، وهي مبهمة فيؤتى بعدها بمن التبْيينية، أي : إن تأتنا بشيء من الآيات فما نحن لك بمؤمنين.
و﴿ مهما ﴾ في محل رفع بالابتداء، والتقدير : أيّما شيء تأتينا به، وخبره الشرط وجوابه، ويجوز كونها في محل نصب لفعل محذوف يدل عليه ﴿ تأتنا به ﴾ المذكور.
والتقدير : أي شيء تُحضرنا تأتينا به.
وذُكّر ضمير ﴿ به ﴾ رعياً للفظ ﴿ مهما ﴾ الذي هو في معنى أي شيء، وأنّث ضمير ﴿ بها ﴾ رعياً لوقوعه بعد بيان ﴿ مهما ﴾ باسم مؤنث هو ﴿ آية ﴾.
و﴿ من آية ﴾ بيان لإبهام ﴿ مهما ﴾.
والآية : العلامة الدالة، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى :﴿ والذين كفروا وكذبوا بآياتا أولئك أصحاب النار ﴾ في سورة البقرة ( ٣٩ )، وفي قوله تعالى :﴿ وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه ﴾ في سورة الأنعام ( ٣٧ ).