وقال ابن الجوزى :
﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ﴾
قوله تعالى :﴿ أنذر موسى وقومه ﴾
هذا إِغراء من الملأِ لفرعون.
وفيما أرادوا بالفساد في الأرض قولان.
أحدهما : قتل أبناء القبط، واستحياء نسائهم، كما فعلوا ببني اسرائيل، قاله مقاتل.
والثاني : دعاؤهم الناس إلى مخالفة فرعون وترك عبادته.
قوله تعالى :﴿ ويذرَك ﴾ جمهور القراء على نصب الراء ؛ وقرأ الحسن برفعها.
قال الزجاج : من نصب "ويذرَك" نصبه على جواب الاستفهام بالواو ؛ والمعنى : أيكون منك أن تذر موسى وأن يذرك؟ ومن رفعه جعله مستأنفاً، فيكون المعنى : أتذر موسى وقومه، وهو يذرك وآلهتك؟ والأجود أن يكون معطوفاً على "أتذر" فيكون المعنى : أتذر موسى، وأيَذَرَك موسى؟ أي أتطلق له هذا؟.
قوله تعالى :﴿ وآلهتك ﴾ قال ابن عباس : كان فرعون قد صنع لقومه أصناماً صغاراً، وأمرهم بعبادتها، وقال أنا ربكم ورب هذه الأصنام، فذلك قوله :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ [ النازعات : ٢٤ ].
وقال غيره : كان قومه يعبدون تلك الأصنام تقرباً إليه.
وقال الحسن : كان يعبد تيساً في السر.
وقيل : كان يعبد البقر سراً.
وقيل : كان يجعل في عنقه شيئا يعبده.
وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو العالية، وابن محيصن :"والإِهتك" بكسر الهمزة وقصرها وفتح اللام وبألف بعدها.
قال الزجاج : المعنى : ويذرك وربوبيتك.
وقال ابن الأنباري : قال اللغويون : الإِلاهة : العبادة ؛ فالمعنى : ويذرك وعبادة الناس إياك، قال ابن قتيبة : من قرأ :﴿ وإِلاهتك ﴾ أراد ويذرك والشمس التي تعبد، وقد كان في العرب قوم يعبدون الشمس ويسمونها آلهةً.
قال الأعشى :
فَمَا أَذْكُرُ الرَّهْبَ حتَّى انْقَلَبْتُ...
قُبيْلَ الإلهَةِ مِنْها قَرِيْبا
يعني : الشمس.
والرهب : ناقته.