فصل


قال الفخر :
﴿استعينوا بالله واصبروا إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ ُمِنْ عِبَادِهِ والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ﴾ فههنا أمرهم بشيئين وبشرهم بشيئين.
أما الذان أمر موسى عليه السلام بهما ؛ فالأول : الاستعانة بالله تعالى.
والثاني : الصبر على بلاء الله.
وإنما أمرهم أولاً بالاستعانة بالله وذلك لأن من عرف أنه لا مدبر في العالم إلا الله تعالى انشرح صدره بنور معرفة الله تعالى وحينئذ يسهل عليه أنواع البلاء، ولأنه يرى عند نزول البلاء أنه إنما حصل بقضاء الله تعالى وتقديره.
واستعداده بمشاهدة قضاء الله، خفف عليه أنواع البلاء، وأما الذان بشر بهما ؛ فالأول : قوله :﴿إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ وهذا إطماع من موسى عليه السلام قومه في أن يورثهم الله تعالى أرض فرعون بعد إهلاكه، وذلك معنى الإرث، وهو جعل الشيء للخلف بعد السلف.
والثاني : قوله :﴿والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ﴾ فقيل : المراد أمر الآخرة فقط، وقيل : المراد أمر الدنيا فقط وهو : الفتح، والظفر، والنصر على الأعداء، وقيل المراد مجموع الأمرين، وقوله :﴿لّلْمُتَّقِينَ﴾ إشارة إلى أن كل من اتقى الله تعالى وخافه فالله يعينه في الدنيا والآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٧٣﴾


الصفحة التالية
Icon