وقال أبو حيان :
﴿ قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ﴾
لما توعّدهم فرعون جزعوا وتضجّروا فسكنهم موسى عليه السلام وأمرهم بالاستعانة بالله وبالصبر وسلاهم ووعدهم النصر وذكرهم ما وعد الله بني إسرائيل من إهلاك القبط وتوريثهم أرضهم وديارهم.
﴿ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ﴾.
أي أرض مصر وأل فيه للعهد وهي ﴿ الأرض ﴾ التي كانوا فيها، وقيل :﴿ الأرض ﴾ أرض الدّنيا فهي على العموم، وقيل : المراد أرض الجنة لقوله ﴿ وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنة حيث نشاء ﴾ وتعدّى ﴿ استعينوا ﴾ هنا بالباء وفي ﴿ وإياك نستعين ﴾ بنفسه وجاء اللهم إنا نستعينك.
﴿ والعاقبة للمتقين ﴾ قيل : النصر والظفر، وقيل : الدار الآخرة، وقيل : السعادة والشهادة، وقيل : الجنة، وقال الزمخشري : الخاتمة المحمودة ﴿ للمتقين ﴾ منهم ومن القبط وإنّ المشيئة متناولة لهم انتهى، وقرأت فرقة ﴿ يورثها ﴾ بفتح الراء، وقرأ الحسن ﴿ يورثها ﴾ بتشديد الراء على المبالغة ورويت عن حفص، وقرأ ابن مسعود وأبيّ ﴿ والعاقبة ﴾ بالنصب عطفاً على ﴿ إن الأرض ﴾ وفي وعد موسى تبشير لقومه بالنصر وحسن الخاتمة ونتيجة طلب الإعانة توريث الأرض لهم ونتيجة الصبر العاقبة المحمودة والنصر على من عاداهم فلذلك كان الأمر بشيئين ينتج عنهما شيئان.
قال الزمخشري : فإن قلت : لم أخليت هذه الجملة عن الواو وأدخلت على الذي قبلها؟ قلت : هي جملة مبتدأة مستأنفة وأما ﴿ وقال الملأ ﴾ فمعطوفة على ما سبقها من قوله ﴿ قال الملأ من قوم فرعون ﴾ انتهى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾