والعاقبة حقيقتها نهاية أمر من الأمور وآخره، كقوله تعالى :﴿ فكان عاقبتهما أنهما في النار ﴾ [ الحشر : ١٧ ]، وقد تقدم ذكرها عند قوله تعالى :﴿ قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ﴾ في أول سورة الأنعام ( ١١ )، فإذا عُرفَت العاقبة باللام كان المراد منها انتهاء أمر الشيء بأحسن من أوله ولعل التعريف فيها من قبيل العلم بالغلبة.
وذلك لأن كل أحد يود أن يكون آخرُ أحواله خيراً من أولها ؛ لكراهة مفارقة الملائم، أو للرغبة في زوال المنافر، فلذلك أطلقت العاقبة معرَفة على انتهاء الحال بما يسر ويلائم، كما قال تعالى :﴿ والعاقبة للتقوى ﴾ [ طه : ١٣٢ ].
وفي حديث أبي سفيان قول هرقل :"وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة" فلا تطلق المعرفة على عاقبة السوء.
فالمراد بالعاقبة هنا عاقبة أمورهم في الحياة الدنيا ليناسب قوله ﴿ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ﴾ وتشمل عاقبة الخير في الآخرة لأنها أهم ما يلاحظه المؤمنون.
والمتقون : المؤمنون العاملون.
وجيء في جملتي :﴿ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ﴾ بلفظين عامين، وهما : من يشاء من عباده والمتقين، لتكون الجملتان تذييلاً للكلام وليحرص السامعون على أن يكونوا من المتقين.
وقد علم من قوله :﴿ والعاقبة للمتقين ﴾ أن من يشاء الله أن يورثهم الأرض هم المتقون إذا كان في الناس متقون وغيرهم، وأن تمليك الأرض لغيرهم إمّا عارض وإمّا لاستواء أهل الأرض في عدم التقوى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾