وقال ابن عاشور :
﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ﴾
الرجز العذاب فالتعريف باللام هنا للعهد أي العذاب المذكور وهو ما في قوله تعالى :﴿ فأرسلنا عليهم الطوفان ﴾ إلى قوله ﴿ آيات مفصّلات ﴾ [ الأعراف : ١٣٣ ] والرجز من أسماء الطاعون، وقد تقدم عند قولهم تعالى :﴿ فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء ﴾ في سورة البقرة ( ٥٩ )، فيجوز أن يراد بالرجز الطاعون أي أصابهم طاعون ألجأهم إلى التضرع بموسى عليه السلام، فطُوي ذكره للإيجاز، فالتقدير : وأرسلنا عليهم الرجز ولما وقع عليهم الخ...
وإنما لم يذكر الرجز في عداد الآيات التي في قوله :﴿ فأرسلنا عليهم الطوفان ﴾ [ الأعراف : ١٣٣ ] الآية تخصيصاً له بالذكر لأن له نبأ عجيباً فإنه كان ملجئَهم إلى الاعتراف بآيات موسى ووجود ربه تعالى.
وهذا الطاعون هو المَوَتانُ الذي حكي في الإصحاح الحادي عشر من سفر الخروج "هكذا يقول الرب إني أخرج نحوَ نصف الليل في وسط مصر فيموت كل بكر في أرض مصر من بكر فرعونَ الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلْف الرحى وكل بكر بهيمة ثم قالت في الإصحاح الثاني عشر فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر فقام فرعون ليلاً هو وعبيدُه وجميع المصريين فدعَا موسى وهارونَ ليْلاً وقال قوموا اخرجوا أنتم وبنو إسرائيل جميعاً واذهبوا اعبدوا ربكم واذهبوا وباركوني" الخ...
قيل مات سبعون ألف رجل في ذلك اليوم من القبط خاصة، ولم يصب بني إسرائيل منه شيء.
وليس قولهم :﴿ ادع لنا ربك ﴾ بإيمان بالله ورسالة موسى، ولكنهم كانوا مشركين وكانوا يجوزون تعدد الآلهة واختصاص بعض الأمم وبعض الأقطار بآلهة لهم، فهم قد خامرهم من كثرة ما رأوا من آيات موسى أن يكون لموسى رب له تصرف وقدرة.


الصفحة التالية
Icon