قال القاضي أبو محمد : والظاهر من مقالة بني إسرائيل لموسى :﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾ أنهم استحسنوا ما رأوه من آلهة أولئك القوم فأرادوا أن يكون ذلك في شرع موسى وفي جملة ما يتقرب به إلى الله، وإلا فبعيد أن يقولوا لموسى : اجعل لنا صنماً نفرده بالعبادة ونكفر بربك، فعرفهم موسى أن هذا جهل منهم إذ سألوا أمراً حراماً فيه الإشراك في العبادة ومنه يتطرق إلى إفراد الأصنام بالعبادة والكفر بالله عز وجل، وعلى هذا الذي قلت يقع التشابه الذي قصه النبي ﷺ في قول أبي واقد الليثي له في غزوة حنين إذ مروا على دوح سدرة خضراء عظيمة : اجعل لنا يا رسول الله ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، وكانت ذات أنواط سرحة لبعض المشركين يعلقون بها أسلحتهم ولها يوم يجتمعون إليها فيه، فأراد أبو واقد وغيره أن يشرع ذلك رسول الله ﷺ في الإسلام، فرأى رسول الله ﷺ أنها ذريعة إلى عبادة تلك السرحة، فأنكره وقال :" الله أكبر قلتم والله كما قالت بنو إسرائيل ﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾ لتتبعن سنن من قبلكم ".
قال القاضي أبو محمد : ولم يقصد أبو واقد بمقالته فساداً، وقال بعض الناس كان ذلك من بني إسرائيل كفراً ولفظة الإله تقتضي ذلك، وهذا محتمل، وما ذكرته أولاً أصح عندي والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon