وقال الخازن :
قوله :﴿ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ﴾
يعني وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد إهلاك فرعون وقومه وإغراقهم فيه يقال جاز الوادي وجاوزه إذا قطعه وخلفه وراء ظهره.
وقال الكلبي عبر موسى البحر يوم عاشوراء بعد مهلك فرعون وقومه فصامه شكراً لله تعالى :﴿ فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ﴾ يعني فمر بنو إسرائيل بعد مجاوزة البحر على قوم يعكفون أي يقيمون ويواظبون على أصنام لهم يعني تماثيل لهم كانوا يعبدونها من دون الله.
قال ابن جريج : كانت تلك الأصنام تماثيل بقر وذلك أول شان العجل.
وقال قتادة : كان أولئك القوم من لخم وكانوا نزولاً بالرقة يعني بالرقة ساحل البحر وقيل كان أولئك الأقوام من الكنعانيين الذين أمر موسى بقتالهم ﴿ قالوا ﴾ يعني قال بنو إسرائيل لموسى لما رأوا ذلك التمثال ﴿ يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾ يعني كما لهم أصنام يعبدونها ويعظمونها فاجعل لنا أنت إلهاً نعبده ونعظمه.
قال البغوي رحمه الله : ولم يكن ذلك شكاً من بني إسرائيل في وحدانية الله تعالى وإنما معناه اجعل لنا شيئاً نعظمه ونتقرب بتعظيمه إلى الله تعالى وظنوا أن ذلك لا يضر الديانة وكان ذلك لشدة جهلهم وقال غيره هذا يدل على غاية جهل بني إسرائيل وذلك أنهم توهموا أنه يجوز عبادة غير الله تعالى بعد ما رأوا الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى وكمال قدرته وهي الآيات التي توالت على قوم فرعون حتى أغرقهم الله تعالى في البحر بكفرهم وعبادتهم غير الله تعالى فحملهم جهلهم على أن قالوا لنبيهم موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فرد عليهم موسى بقوله ﴿ قال إنكم قوم تجهلون ﴾ يعني تجهلون عظمة الله تعالى وأنه لا يستحق أن يعبد سواه لأنه هو الذي أنجاكم من فرعون وقومه فأغرقهم في البحر وأنجاكم منه.