" الله أكبر قلتم والله كما قال بنو إسرائيل " ﴿ اجعل لنا إلهاً ﴾ خالقاً مدبراً لأن الذي يجعله موسى لا يمكن أن يجعله خالقاً للعالم ومدبّراً فالأقرب أنهم طلبوا أن يعين لهم تماثيل وصوراً يتقربون بعبادتها إلى الله تعالى وقد حكى عن عبادة الأوثان قولهم ﴿ ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾ وأجمع كلّ الأنبياء عليهم السلام على أن عبادة غير الله كفر سواء اعتقد كونه إلهاً للعالم أو أن عبادته تقرب إلى الله انتهى، ويظهر أن ذلك لم يصدر من جميعهم فإنه كان فيهم السبعون المختارون ومن لا يصدر منه هذا السؤال الباطل لكنه نسب ذلك إلى بني إسرائيل لما وقع من بعضهم على عادة العرب في ذلك وما في ﴿ كما ﴾ قال الزمخشري كافة للكاف ولذلك وقعت الجملة بعدها وقال غيره موصولة حرفية أي كما ثبت لهم آلهة فتكون قد حذف صلتها على حدّ ما قال ابن مالك في أنه إذا حذفت صلة ما فلا بد من إبقاء معمولها كقولهم لا أكلمك ما إن في السماء نجماً أي ما ثبت أن في السماء نجماً ويكون ﴿ آلهة ﴾ فاعلاً يثبت المحذوفة، وقيل : موصولة اسمية ولهم صلتها والضمير عائد عليها مستكن في المجرور والتقدير كالذي لهم وآلهة بدل من ذلك الضمير المستكنّ.
﴿ قال إنكم قوم تجهلون ﴾ تعجب موسى عليه السلام من قولهم على أثر ما رأوا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة ووصفهم بالجهل المطلق وأكده بأن لأنه لا جهل أعظم من هذه المقالة ولا أشنع وأتى بلفظ ﴿ تجهلون ﴾ ولم يقل جهلتم إشعاراً بأن ذلك منهم كالطبع والغريزة لا ينتقلون عنه في ماض ولا مستقبل. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾