وقال الآلوسى :
﴿ وَجَاوَزْنَا ببَني إسْرَائيلَ البحر ﴾
شروع بعد انتهاء قصة فرعون في قصة بني إسرائيل وشرح ما أحدثوه بعد أن من الله تعالى عليهم بما من واراهم من الآيات ما أراهم تسلية لرسول الله ﷺ عما رآه من اليهود بالمدينة فإنهم جروا معه على دأب أسلافهم مع أخيه موسى عليه السلام وإيقاظاً للمؤمنين أن لا يغفلوا عن محاسبة أنفسهم ومراقبة نعم الله تعالى عليهم فإن بني إسرائيل وقعوا فيما وقعا لغفلتهم عما من الله تعالى به عليهم، وجاوز بمعنى جاز وقرىء ﴿ جوزنا ﴾ بالتشديد وهو أيضاً بمعنى جاز فعدى بالباء أي قطعنا البحر بهم، والمراد بالبحر بحر القلزم.
وفي "مجمع البيان" أنه نيل مصر وهو كما في "البحر" خطأ، وعن الكلبي أن موسى عليه السلام عبر بهم يوم عاشوراء بعد مهلك فرعون وقومه فصاموه شكراً لله تعالى ﴿ فَأَتَوْا ﴾ أي مروا بعد المجاوزة.
﴿ عَلَى قَوْم ﴾ قال قتادة : كانوا من لخم اسم قبيلة ينسبون كما صححه ابن عبد البر إلى لخم بن عدي بن عمرو بن سبا، وقيل : كانوا من العمالقة الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم.
﴿ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَام لَهُمْ ﴾ أي يواظبون على عبادتها ويلازمونها، وكانت كما أخرج ابن المنذر.
وغيره عن ابن جريج تماثيل بقر من نحاس، وهو أول شأن العجل، وقيل : كانت من حجارة، وقيل : كان بقراً حقيقة وقرأ حمزة.
والكسائي ﴿ يعكفون ﴾ بكسر الكاف ﴿ قَالُوا ﴾ عندما شاهدوا ذلك ﴿ يَا مُوسَى اجعل لَنَا إلَهاً ﴾ مثالاً نعبده ﴿ كَمَا لَهُمْ ءَالهَةٌ ﴾ الكاف متعلقة بمحذوف وقع صفة لإلها و﴿ ما ﴾ موصولة و﴿ لهم ﴾ صلتها و﴿ آلهة ﴾ بدل من الضمير المستتر فيه، والتقدير اجعل لنا إلها كائناً كالذي استقر هو لهم.