وقال الخازن :
﴿ قال أغير الله أبغيكم إلهاً ﴾
لما قال بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً لنا إلهاً كما لهم آلهة حكم عليهم بالجهالة وقال مجيباً لهم على سبيل العجب والإنكار عليهم أغير الله أبغيكم إلهاً يعني أطلب لكم وأبغي لكم إلهاً ﴿ وهو فضّلكم على العالمين ﴾ والمعنى أن الإله ليس هو شيئاً يطلب ويلتمس ويتخير بل الإله هو الذي فضلكم على العالمين لأنه القادر على الإنعام والإفضال فهو هذا الذي يستحق أن يعبد ويطاع لا عبادة غيره ومعنى قوله فضلكم على العالمين يعني على عالمي زمانكم وقيل فضلهم بما خصهم به من الآيات الباهرة التي لم تحصل لغيرهم وإن كان غيرهم أفضل منهم. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قال أغير الله أبغيكم إلهاً وهو فضلكم على العالمين ﴾
ما أحسن ما خاطبهم موسى عليه السلام بدأهم أولاً بنسبتهم إلى الجهل ثم ثانياً أخبرهم بأن عبّاد الأصنام ليسوا على شيء بل مآل أمرهم إلى الهلاك وبطلان العمل وثالثاً أنكر وتعجب أن يقع هو عليه السلام في أن يبغي لهم غير الله إلهاً أي ﴿ أغير ﴾ المستحق للعبادة والألوهية أطلب لكم معبوداً وهو الذي شرفكم واختصكم بالنعم التي لم يعطها من سلف من الأمم لا غيره فكيف أبغي لكم إلهاً غيره ومعنى ﴿ على العالمين ﴾ على عالمي زمانهم أو بكثرة الأنبياء فيهم، قال ابن القشيري : بإهلاك عدوهم وبما خصّهم من الآيات وانتصب ﴿ غير ﴾ مفعولاً بأبغيكم أي أبغي لكم غير الله، ﴿ وإلهاً ﴾ تمييز عن ﴿ غير ﴾ أو حال أو على الحال ﴿ وإلهاً ﴾ المفعول والتقدير أبغي لكم إلهاً غير الله فكان غير صفة فلما تقدم انتصب حالاً، وقال ابن عطية : وغير منصوبة بفعل مضمر هذا هو الظاهر ويحتمل أن ينتصب على الحال انتهى، ولا يظهر نصبه بفعل مضمر لأن أبغي مفرّغ له أو لقوله إلهاً فإن تخيّل أنه منصوب بأبغي مضمرة يفسرها هذا الظاهر فلا يصحّ لأنّ الجملة المفسرة لا رابط فيها لا من ضمير ولا من ملابس يربطها بغير فلو كان التركيب أغير الله أبغيكموه لصحّ ويحتمل وهو فضلكم أن يكون حالاً وأن كون مستأنفاً. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon