وَتَمْكِينُ سُلْطَانِهَا عَلَى أَنْفُسِ الْأُمَّةِ بِمُشَاهِدَةِ صُوَرِ مُلُوكِهَا، وَكُبَرَاءِ رِجَالِهَا وَتَمَاثِيلِهِمْ، وَهُوَ قَصْدٌ سِيَاسِيٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِهِ - وَإِمَّا بَعْثُ شُعُورِ حُبِّ الْعِلْمِ، وَالِاقْتِدَاءِ بِالْعُلَمَاءِ وَالْأُدَبَاءِ وَالزُّعَمَاءِ الَّذِينَ نَفَعُوا أُمَّتَهُمْ، عَسَى أَنْ يُوجَدَ فِي الْمُسْتَعِدِّينَ مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ أَوْ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَهُوَ قَصْدٌ اجْتِمَاعِيٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ التَّرْبِيَةِ، وَأَمَّا تَعْظِيمُ الْعِبَادَةِ فَالْغَرَضُ مِنْهُ التَّقَرُّبُ مِنَ الْمَعْبُودِ، وَطَلَبُ ثَوَابِهِ بِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ مِنْ طَرِيقِ الْغَيْبِ لَا الْكَسْبِ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ، فَتَعْظِيمُ الشَّيْءِ الَّذِي يُعْتَقَدُ أَنَّ لَهُ سُلْطَةً غَيْبِيَّةً أَوْ تَعْظِيمُ مَا يُذَكَرُ بِهِ مِنْ صُورَةٍ أَوْ تِمْثَالٍ أَوْ قَبْرٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آثَارِهِ ؛ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَقَصْدِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تُنَالُ بِالْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ -، وَهِيَ مَا لَا يُطْلَبُ إِلَّا مِنَ اللهِ تَعَالَى، أَوْ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِجَاهِهِ - كُلُّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُعَظِّمُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ لِمَا يَذْكَرُ بِهِ الِانْتِفَاعَ بِهِ نَفْسِهِ بِمَا ذَكَرَ مِنَ التَّعْظِيمِ بِالْقَوْلِ كَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغَاثَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَالطَّوَافِ بِتِمْثَالِهِ أَوْ قَبْرِهِ، وَتَقْبِيلِهِ وَالتَّمَرُّغِ بِأَرْضِهِ - كَانَتِ الْعِبَادَةُ خَالِصَةً


الصفحة التالية
Icon