وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألواح مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾
يريد التوراة.
وروي في الخبر أنه قبض عليه جبريلُ عليه السلام بجناحه فمر به في العُلاَ حتى أدناه حتى سَمِع صَرِيف القلم حين كتب الله له الألواح ؛ ذكره الترمذيّ الحكيم.
وقال مجاهد : كانت الألواح من زُمُرُّدَة خضراء.
ابن جُبير : من ياقوتة حمراء.
أبو العالية : من زَبَرْجَد.
الحسن : من خشب ؛ نزلت من السماء.
وقيل : من صخرة صمّاء، لَيّنها الله لموسى عليه السلام فقطعها بيده ثم شقها بأصابعه ؛ فأطاعته كالحديد لداود.
قال مقاتل : أي كتبنا له في الألواح كنقش الخاتم.
ربيع بن أنس : نزلت التوراة وهي سبعون وِقْر بعير.
وأضاف الكتابة إلى نفسه على جهة التشريف ؛ إذ هي مكتوبة بأمره كتبها جبريل بالقلم الذي كتب به الذكر.
واستُمدّ من نهر النور.
وقيل : هي كتابة أظهرها الله وخلقها في الألواح.
وأصل اللّوح : لَوْح ( بفتح اللام ) ؛ قال الله تعالى :﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ [ البروج : ٢٢ ].
فكأن اللوح تلوح فيه المعاني.
ويروى أنها لوحان، وجاء بالجمع لأن الاثنين جمع.
ويقال : رجل عظيم الألواح إذا كان كبير عظم اليدين والرجلين.
ابن عباس : وتكسرت الألواح حين ألقاها فرفعت إلا سُدْسَها.
وقيل : بقي سُبُعُها ورفعت سِتّة أسباعها.
فكان في الذي رفع تفصيل كل شيء، وفي الذي بقي الهدى والرحمة.
وأسند أبو نعيم الحافظ عن عمرو بن دينار قال : بلغني أن موسى بن عمران نبيّ الله ﷺ صام أربعين ليلة ؛ فلما ألقى الألواح تكسرت فصام مثلها فردّت إليه.
ومعنى "مِنْ كُلِّ شَيْءٍ" مما يحتاج إليه في دينه من الأحكام وتبيين الحلال والحرام ؛ عن الثَّوْرِيّ وغيره.
وقيل : هو لفظ يُذكر تفخيماً ولا يراد به التعميم ؛ تقول : دخلت السوق فاشتريت كل شيء.
وعند فلان كل شيء.
و﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ].