وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ واتخذ قَوْمُ موسى مِن بَعْدِهِ ﴾
أي من بعد خروجه إلى الطُّور.
﴿ مِنْ حُلِيِّهِمْ ﴾ هذه قراءة أهل المدينة وأهلِ البصرة.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً "من حِلِيِّهمْ" بكسر الحاء.
وقرأ يعقوب "من حَلْيِهِم" بفتح الحاء والتخفيف.
قال النحاس : جمع حَلْيٍ حُلِيٌّ وحِليٌّ ؛ مثلُ ثَدْي وثُدِيّ وثِدِيّ.
والأصل "حلُوى" ثم أدغمت الواو في الياء فانكسرت اللام لمجاورتها الياء، وتكسر الحاء لكسرة اللام.
وضمها على الأصل.
﴿ عِجْلاً ﴾ مفعول.
﴿ جَسَداً ﴾ نعت أو بدل.
﴿ لَّهُ خُوَارٌ ﴾ رفع بالابتداء.
يقال : خار يَخُور خُوَاراً إذا صاح.
وكذلك جَأر يَجْأَر جُؤارا.
ويقال : خَور يَخْوَر خَوَراً إذا جَبُن وضَعُف.
ورُوي في قصص العجل : أن السّامِريّ، واسمه موسى بن ظفر، ينسب إلى قرية تدعى سَامِرة.
وُلد عام قَتْل الأبناء، وأخفته أُمه في كهف جبل فغذّاه جبريل فعرفه لذلك ؛ فأخذ حين عبر البحر على فرس وَدِيق ليتقدّم فرعونَ في البحر قبضةً من أثر حافر الفرس.
وهو معنى قوله ﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرسول ﴾ [ طه : ٩٦ ].
وكان موسى وعد قومه ثلاثين يوماً، فلما أبطأ في العشر الزائد ومضت ثلاثون ليلة قال لبني إسرائيل وكان مطاعاً فيهم : إن معكم حُلِيّاً من حُليّ آل فرعون، وكان لهم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحُلِيّ فاستعاروا لذلك اليوم ؛ فلما أخرجهم الله من مصر وغرّق القبط بَقِيَ ذلك الحليّ في أيديهم، فقال لهم السَّامِرِيّ : إنه حرام عليكم، فهاتوا ما عندكم فنحرقه.
وقيل : هذا الحليّ ما أخذه بنو إسرائيل من قوم فرعون بعد الغرق، وأن هارون قال لهم : إن الحُليّ غنيمة، وهي لا تَحِلّ لكم ؛ فجمعها في حُفْرة حَفَرها فأخذها السّامِرِيّ.


الصفحة التالية
Icon