وقرأ الأخوان ﴿ من حليهم ﴾ بكسر الحاء اتباعاً لحركة اللام كما قالوا : عصى، وهي قراءة أصحاب عبد الله ويحيى بن وثاب وطلحة والأعمش، وقرأ باقي السبعة والحسن وأبو جعفر وشيبة بضم الحاء وهو جمع حلى نحو ثدي وثدى ووزنه فعول اجتمعت ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء وكسر ما قبلها لتصحّ الياء، وقرأ يعقوب ﴿ من حَلْيهم ﴾ بفتح الحاء وسكون اللام وهو مفرد يراد به الجنس أو اسم جنس مفرده حلية كتمر وتمره، وإضافة الحلى إليهم إما لكونهم ملكوه من ما كان على قوم فرعون حين غرقوا ولفظهم البحر فكان كالغنيمة ولذلك أمر هارون بجمعه حتى ينظر موسى إذا رجع في أمره أو ملكوه إذ كان من أموالهم التي اغتصبها القبط بالجزية التي كانوا وضعوها عليهم فتحيل بنو إسرائيل عل استرجاعها إليهم بالعارية وإما لكونهم لم يملكوه لكن تصرفت أيديهم فيه بالعارية فصحت الإضافة إليهم لأنها تكون بأدنى ملابسة.
روى يحيى بن سلام عن الحسن : أنهم استعاروا الحلي من القبط لعرس، وقيل : اليوم زينة ولما هلك فرعون وقومه بقي الحلي معهم وكان حراماً عليهم وأخذ بنو إسرائيل في بيعه وتمحيقه، فقال السامريّ لهارون : إنه عارية وليس لنا فأمر هارون منادياً بردّ العارية ليرى فيها موسى رأيه إذا جاء فجمعه وأودعه هارون عند السامري وكان صائغاً فصاغ لهم صورة عجل من الحلي، وقيل : منعهم من ردّ العارية خوفهم أن يطلع القبط على سُراهم إذ كان تعالى أمر موسى أن يسري بهم، والعجل ولد البقرة القريب الولادة ومعنى ﴿ جسداً ﴾ جثة جماداً، وقيل : بدناً بلا رأس ذهباً مصمتاً، وقيل : صنعه مجوفاً، قال الزمخشرى :﴿ جسداً ﴾ بدناً ذا لحم ودم كسائر الأجساد، قال الحسن : إنّ السامريّ قبض قبضة من تراب من أثر فرس جبريل عليه السلام يوم قطع البحر فقذفه في في العجل فكان عجلاً له خوار انتهى.