وكان متعلق سقط قوله في أيديهم لأنّ اليد هي الآلة التي يؤخذ بها ويضبط ﴿ وسقط ﴾ مبني للمفعول والذي أوقع موضع الفاعل هو الجار والمجرور كما تقول : جلس في الدار وضحك من زيد، وقيل : سقط تتضمن مفعولاً وهو هاهنا المصدر الذي هو الإسقاط كما يقال : ذهب بزيد انتهى، وصوابه وهو هنا ضمير المصدر الذي هو السقوط لأنّ سقط ليس مصدره الإسقاط وليس نفس المصدر هو المفعول الذي لم يسمّ فاعله بل هو ضميره وقرأت فرقة منهم ابن السميقع ﴿ سقط في أيديهم ﴾ مبنياً للفاعل.
قال الزمخشري أي وقع الغضّ فيها، وقال الزجاج : سقط الندم في أيديهم، قال ابن عطية : ويحتمل أنّ الخسران والخيبة سقط في أيديهم، وقرأ ابن أبي عبلة : أسقط في أيديهم رباعيّاً مبنياً للمفعول ورأوا أي علموا ﴿ أنهم قد ضلّوا ﴾.
قال القاضي : يجب أن يكون المؤخر مقدّماً لأنّ الندم والتحسر إنما يقعان بعد المعرفة فكأنه تعالى قال : ولما رأوا أنهم قد ضلوا وسقط في أيديهم لما نالهم من عظيم الحسرة انتهى، ولا يحتاج إلى هذا التقدير بل يمكن تقدّم النّدم على تبين الضلال لأنّ الإنسان إذا شكّ في العمل الذي أقدم عليه أهو صواب أو خطأ حصل له الندم ثم بعد يتكامل النظر والفكر فيعلم أن ذلك خطأ، ﴿ قالوا : لئن لم يرحمنا ربنا ﴾ انقطاع إلى الله تعالى واعتراف بعظيم ما أقدموا عليه وهذا كما قال : آدم وحواء ﴿ وإن لم تغفر لنا وترحمنا ﴾ ولما كان هذا الذنب وهو اتخاذ غير الله إلهاً أعظم الذنوب بدأوا بالرحمة التي وسعت كل شيء ومن نتاجها غفران الذنب وأما في قصة آدم فإنه جرت محاورة بينه تعالى وبينهما وعتاب على ما صدر منهما من أكل ثمر الشجرة بعد نهيه إياهما عن قربانها فضلاً عن أكل ثمرها فبادرا إلى الغفران وأتباه بالرحمة إذ غفران ما وقع العتاب عليه أكد ما يطلب أولاً.