وأبي نواس، وهو العالم النحرير ولم يعلموا ذلك ولو علموه لسقط في أيديهم ﴿ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ ﴾ أي تبينوا ضلالهم باتخاذ العجل وعبادته كأنهم قد أبصروه بعيونهم قيل : وتقديم ذكر ندمهم على هذه الرؤية مع كونه متأخراً عنها للمسارعة إلى بيانه والإشعار بغاية سرعته كأنه سابق على الرؤية.
وقال القطب في بيان تأخير تبين الضلال عن الندم مع كونه سابقاً عليه : إن الانتقال من الجزم بالشيء إلى تبين الجزم بالنقيض لا يكون دفعياً في الأغلب بل إلى الشك ثم الظن بالنقيض ثم الجزم به ثم تبينه، والقوم كانوا جازمين بأن ما هم عليه صواب والندم عليه ربما وقع لهم في حال الشك فيه فقد تأخر تبين الضلال عنه انتهى، فافهم ولا تغفل ﴿ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا ﴾ بإنزال التوبة المكفرة ﴿ وَيَغْفِرْ لَنَا ﴾ بالتجاوز عن خطيئتنا، وتقديم الرحمة على المغفرة مع أن التخلية حقها أن تقدم على التحلية قيل : إما للمسارعة إلى ما هو المقصود الأصلي وإما لأن المراد بالرحمة مطلق إرادة الخير بهم وهو مبدأ لإنزال التوبة المكفرة لذنوبهم، واللام في ﴿ لَئِنْ ﴾ موطئة للقسم أي والله لئن الخ، وفي قوله سبحانه :﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين ﴾ لجواب القسم كما هو المشهور.
وقرأ حمزة.
والكسائي ﴿ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا ﴾ بالتاء الفوقية و﴿ رَبَّنَا ﴾ بالنصب على النداء ؛ وما حكى عنهم من الندامة والرؤية والقول كان بعد رجوع موسى عليه السلام من الميقات كما ينطق به ما سيأتي إن شاء الله تعالى في طاه، وقدم ليتصل ما قالوه بما فعلوه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾