وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا هَذَا إِمَّا عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ (سَأَصْرِفُ) أَيْ : سَأَصْرِفُهُمْ عَنْ آيَاتِي الْمُنَزَّلَةِ وَالْكَوْنِيَّةِ فَيَنْصَرِفُونَ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا - وَإِمَّا عَطْفٌ عَلَى (يَتَكَبَّرُونَ) فَيَكُونُ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ بَيَانًا لِصِفَاتِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَأَحْوَالِهِمْ، وَأَوَّلُهَا : أَنَّهُمْ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ وَتُثْبِتُ وُجُودَهُ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْآيَاتِ بِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِهَا وَأَفْرَادِهَا إِنَّمَا تُفِيدُ مَنْ كَانَ طَالِبًا لِلْحَقِّ، وَلَكِنَّهُ جَاهِلٌ أَوْ شَاكٌّ أَوْ سَيِّءُ الْفَهْمِ، فَإِذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ دَلَالَةُ بَعْضِهَا فَقَدْ تَظْهَرُ لَهُ دَلَالَةُ غَيْرِهِ، وَفِي هَذَا إِعْلَامٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الَّذِينَ يَقْتَرِحُونَ عَلَيْهِ الْآيَاتِ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّمَا يَقْصِدُونَ التَّعْجِيزَ، لَا اسْتِبَانَةَ الْحَقِّ بِالدَّلِيلِ، فَهُمْ إِنْ أُجِيبُوا إِلَى طَلَبِهِمْ لَا يُؤَمِنُونَ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ مُفَصَّلًا تَفْصِيلًا.


الصفحة التالية
Icon