وقال ابن عاشور :
﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾
يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على جملة ﴿ سأصرف عن آياتي ﴾ [ الأعراف : ١٤٦ ] إلى آخر الآيات على الوجهين السابقين ويجوز أن يكون معطوفة على جملة ﴿ ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا ﴾ [ الأعراف : ١٤٦ ]، ويجوز أن تكون تذييلاً معترضاً بين القصتين وتكون الواو اعتراضية، وأيّاً ما كان فهي آثارها الإخبار عنهم بأنهم إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً، فإن ذلك لما كان هو الغالب على المتكبرين الجاحدين للآيات، وكأن لا تخلو جماعة المتكبرين من فريق قليل يتخذ سبيل الرشد عن حلم وحب للمحمدة، وهم بعض سادة المشركين وعظماؤهم في كل عصر، كانوا قد يحسب السامع أنْ ستنفعهم أعمالهم، أزيل هذا التوهم بأن أعمالهم لا تنفعهم مع التكذيب بآيات الله ولقاء الآخرة، وأشير إلى أن التكذيب هو سبب حبط أعمالهم بتعريفهم بطريق الموصولية، دون الإضمار، مع تقدم ذكرهم المقتضي بحسب الظاهر الإضمار فخولف مقتضى الظاهر لذلك.
وإضافة ﴿ ولقاء ﴾ إلى ﴿ الآخرة ﴾ على معنى ( في ) لأنها إضافة إلى ظرف المكان، مثلُ ﴿ عقْبى الدار ﴾ [ الرعد : ٢٤ ] أي لقاء الله في الآخرة، أي لقاء وعده ووعيده.
والحبط فساد الشيء الذي كان صالحاً، وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ﴾ في سورة المائدة ( ٥ ).


الصفحة التالية
Icon