قلنا : الجواب عنه أن هرون عليه السلام خاف أن يتوهم جهال بني إسرائيل أن موسى عليه السلام غضبان عليه كما أنه غضبان على عبدة العجل، فقال له ﴿ابن أُمَّ إِنَّ القوم استضعفونى﴾ وما أطاعوني في ترك عبادة العجل، وقد نهيتهم ولم يكن معي من الجمع ما أمنعهم بهم عن هذا العمل، فلا تفعل بي ما تشمت أعدائي به فهم أعداؤك فإن القوم يحملون هذا الفعل الذي تفعله بي على الإهانة لا على الإكرام.
وأما قوله تعالى ﴿ابن أُمَّ﴾ فاعلم أنه قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ﴿ابن أُمَّ﴾ بكسر الميم، وفي طه مثله على تقدير ( أمي ) فحذف ياء الإضافة لأن مبنى النداء على الحذف وبقي الكسر على الميم ليدل على الإضافة، كقوله :﴿ياعِبَادِ﴾ والباقون بفتح الميم في السورتين، وفيه قولان : أحدهما : أنهما جعلا اسماً واحداً وبنى لكثرة أصطحاب هذين الحرفين فصار بمنزلة اسم واحد نحو حضرموت وخمسة عشر.
وثانيهما : أنه على حذف الألف المبدلة من ياء الإضافة، وأصله يا ابن أما كما قال الشاعر :
يا ابنة عما لا تلومي واهجعي.. وقوله :﴿إِنَّ القوم استضعفونى﴾ أي لم يلتفتوا إلى كلامي وكادوا يقتلونني، فلا تشمت بي الأعداء يعني أصحاب العجل ولا تجعلني مع القوم الظالمين، الذين عبدوا العجل أي لا تجعلني شريكاً لهم في عقوبتك لهم على فعلهم، فعند هذا قال موسى عليه السلام :﴿رَبّ اغفر لِى﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٩ ـ ١١﴾