مِنَ الشِّرْكِ بِهِ، وَلِمَا ظَنَّ مِنْ تَقْصِيرِ أَخِيهِ، وَأَخَذَ بِشَعْرِ رَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ بِذُؤَابَتِهِ، إِذْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي اجْتِهَادِ مُوسَى أَنْ يَرْدَعَهُمْ وَيَكُفَّهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ إِنْ قَدَرَ كَمَا فَعَلَ هُوَ بِتَحْرِيقِهِ، وَإِلْقَائِهِ فِي الْيَمِّ - وَأَنْ يَتَّبِعَهُ إِلَى جَبَلِ الطُّورِ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ كَمَا حَكَى اللهُ - تَعَالَى - عَنْهُ فِي سُورَةِ طه قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٢٠ : ٩٢ و٩٣) وَالِاجْتِهَادُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَالْقَوِيُّ الشَّدِيدُ الْغَضَبِ لِلْحَقِّ بِالْحَقِّ كَمُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْعُرُ بِمَا لَا يَشْعُرُ بِهِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْحِلْمُ وَلِينُ الْعَرِيكَةِ كَهَارُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَحَثَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي إِلْقَاءِ الْأَلْوَاحِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ تَكَسُّرِ بَعْضِهَا هَلْ يَتَضَمَّنُ تَقْصِيرًا فِي تَعْظِيمِ كَلَامِ اللهِ ؟ وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الرَّسُولِ الْمَعْصُومِ وَلَوْ فِي حَالِ الْغَضَبِ الشَّدِيدِ ؟ بَلْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ فِي نَفْسِهِ إِهَانَةً لِلْأَلْوَاحِ فَوَجَبَ بَيَانُ الْمَخْرَجِ مِنْهُ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الْأَوْهَامِ : أَنَّ إِلْقَاءَ الْأَلْوَاحِ لَا يَقْتَضِي إِهَانَةً لَهَا، كَمَا أَنَّ إِلْقَاءَ الْعَصَا لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى السَّحَرَةِ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَالْإِلْقَاءُ فِي نَفْسِهِ