وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ أَيْ وَمِثْلُ هَذَا الْجَزَاءِ فِي الدُّنْيَا نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللهِ - تَعَالَى - فِي أَزْمِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ فِي كُلِّ زَمَانٍ ؛ إِذَا فُضِحُوا بِظُهُورِ افْتِرَائِهِمْ كَمَا فُضِحَ هَؤُلَاءِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ مُفَسِّرِي السَّلَفِ خَاصًّا بِافْتِرَاءِ الْبِدَعِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : إِنَّ ذُلَّ الْبِدْعَةِ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَإِنْ هَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَطَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، وَهَكَذَا رَوَى أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ " وَكَذَلِكَ تَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " وَقَالَ : هِيَ وَاللهِ لِكُلِّ مُفْتَرٍ. إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ : كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ ذَلِيلٌ. نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ افْتِرَاءِ الِابْتِدَاعِ فِي أَزْمِنَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى مَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ اللهَ - تَعَالَى - كَفَلَ لَهُمُ النَّصْرَ، أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْعَدْلِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا السُّنَّةُ، وَأَمَّا الْبِدْعَةُ فِي دَارِ الْكُفْرِ أَوْ دَارِ الظُّلْمِ وَالْبِدَعِ وَالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَهِيَ كَظُلَّةٍ مِنَ الدُّخَانِ، أَوْ قَزَعَةٍ مِنَ السَّحَابِ تَحْدُثُ فِي حِنْدِسِ لَيْلَةٍ مُطْبِقَةِ السَّحَابِ، حَالِكَةِ الْإِهَابِ، لَا تَكَادُ تَظْهَرُ، فَيَكُونُ لِأَصْحَابِهَا احْتِقَارٌ يُذْكَرُ.