وقال الثعلبى :
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً ﴾
قال أبو الدرداء : الأسف منزلة وراء الغضب أشد منه، وقال ابن عباس والسدي :[ رجع حزيناً من صنيع قومه ] قال الحسن بن غضبان : حزيناً ﴿ قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بعدي ﴾ أي بئس الفعل فعلتم بعد ذهابي، يقال : منه خلفه بخير أو شر إذا ألاه في أهله أو قومه بعد شخوصه عليهم خيراً أو شراً.
﴿ أَعَجِلْتُمْ ﴾ أسبقتم ﴿ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألواح ﴾ غضباً على قومه حين عبدوا العجل، وقال قتادة : إنّما ألقاها حين سمع من فضائل أُمّة محمد ﷺ وفي الألواح : قال : يا رب اجعلني من أُمّة محمد قال رسول الله ﷺ :" يرحم الله أخي موسى ما المخبر كالمعاين لقد أخبره الله بفتنة قومه فعرف أنّ ما أخبره الله حق وأنه على ذلك لمتمسّك بمّا في يديه، فرجع إلى قومه ورآهم فغضب وألقى الألواح ".
قالت الرواة : كانت التوراة سبعة أسباع فلمّا ألقى الألواح تكسرت فوقع منها ستة أسباع وبقي سبع وكان فيها رُقع موسى وفيما بقي الهدى والرحمة ﴿ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ ﴾ أي لحيته وذقنه ﴿ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ﴾ وكان هرون أكبر من موسى بثلاث سنين وأحبّ إلى بني إسرائيل من موسى، لأنه كان لين الغضب ﴿ قَالَ ﴾ هرون عند ذلك يا ﴿ ابن أُمَّ ﴾ قرأ [ أهل ] الكوفة بكسر الميم هاهنا وفي طه أراد يا بن أُمي فحذف ياء الإضافة، لأنه مبنى النداء على الحذف وأبقى الكسرة في الميم لتدل على الاضافة كقوله ﴿ يا عباد ﴾ [ الزمر : ١٠ ] [ الزمر : ١٦ ] [ الزخرف : ٦٨ ] يدل عليه، قراءة ابن السميفع : يا ابن أُمي بإثبات الياء على الأصل، وقرأ الباقون بفتح الميم فهما على معنى يا ابن اُماه جعل أصله إسماً واحداً وبناه على الفتح كقولهم : حضرموت وخمسة عشر ونحوهما.