وقال أبو السعود :
﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الغضب ﴾
شروعٌ في بيان بقيةِ الحكايةِ إثرَ ما بيّن تحزب القوم إلى مصر وتائب والإشارةِ إلى مآل كلَ منهما إجمالاً أي لما سكن عنه الغضبُ باعتذار أخيه وتوبةِ القوم، وهذا صريحٌ في أن ما حُكي عنهم من الندم وما يتفرّع عليه كان بعد مجيءِ موسى عليه الصلاة والسلام، وفي هذا النظم الكريمِ من البلاغة والمبالغةِ بتنزيل الغضبِ الحاملِ له على ما صدر عنه من الفعل والقول منزلةَ الآمرِ بذلك المُغري عليه بالتحكم والتشديد، والتعبيرِ عن سكوته بالسكوت ما لا يخفى، وقرىء سَكَن وسكَت وأسكتَ على أن الفاعل هو الله تعالى أو أخوه أو التائبون ﴿ أَخَذَ الالواح ﴾ التي ألقاها ﴿ وَفِى نُسْخَتِهَا ﴾ أي فيما نُسخ فيها وكُتب، فُعلة بمعنى مفعول كالخُطبة وقيل : فيما نسخ منها أي من الألواح المنكسرة ﴿ هُدًى ﴾ أي بيانٌ للحق ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ للخلق بإرشادهم إلى ما فيه الخيرُ والصلاح ﴿ لّلَّذِينَ هُمْ لِرَبّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ اللامُ الأولى متعلقةٌ بمحذوف هو صفةٌ لرحمة أي كائنةٌ لهم أو هي لامُ الأجَل أي هدى ورحمةٌ لأجلِهم، والثانيةُ لتقوية عمل الفعلِ المؤخّر كما في قوله تعالى :﴿ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ أو هي أيضاً لامُ العلة والمفعولُ محذوفٌ أي يرهبون المعاصيَ لأجل ربهم لا للرياء والسمعة. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾