وفي مُصَنّف أبي داود عن أبي ذرٍّ قال : إن رسول الله ﷺ قال لنا :" إذا غَضِب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فلْيضطجع " وروي أيضاً عن أبي وائل القاصّ قال : دخلنا على عروة بن محمد السّعدِيّ فكلمه رجل فأغضبه ؛ فقام ثم رجع وقد توضأ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي عطيّة قال قال رسول الله ﷺ :" إنّ الغضب من الشيطان وإنّ الشيطان خُلق من النار وإنما تُطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ".
قوله تعالى :﴿ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بعدي ﴾ ذَمٌّ منه لهم ؛ أي بئس العملُ عمِلتم بعدي.
يقال : خَلَفَه ؛ بما يكره.
ويقال في الخير أيضاً.
يقال منه : خَلَفَه بخير أو بشر في أهله وقومه بعد شخوصه.
﴿ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ﴾ أي سبقتموه.
والعجلة : التقدّم بالشيء قبل وقته، وهي مذمومة.
والسرعة : عَمَل الشيء في أوّل أوقاته، وهي محمودة.
قال يعقوب : يقال عجلت الشيء سبقته.
وأعجلت الرجل استعجلته، أي حملته على العجلة.
ومعنى "أَمْرَ رَبِّكُمْ" أي ميعاد ربكم، أي وعد أربعين ليلة.
وقيل : أي تعجّلتم سخط ربكم.
وقيل : أعجلتم بعبادة العجل قبل أن يأتيكم أَمْرٌ من ربكم.
قوله تعالى :﴿ وَأَلْقَى الألواح ﴾ فيه مسألتان :
الأُولى قوله تعالى :﴿ وَأَلْقَى الألواح ﴾ أي مما اعتراه من الغضب والأسف حين أشرف على قومه وهم عاكفون على عبادة العجل، وعلى أخيه في إهمال أمرهم ؛ قاله سعيد بن جُبير.
ولهذا قيل : ليس الخبر كالمعاينة.
ولا التفات لما رُوي عن قتادة إن صح عنه، ولا يصح : أنّ إلقاءه الألواح إنما كان لما رأى فيها من فضيلة أُمة محمد ﷺ ولم يكن ذلك لأُمّته.
وهذا قول رديء لا ينبغي أن يضاف إلى موسى صلى الله عليه وسلم.
وقد تقدّم عن ابن عباس رضي الله عنه أن الألواح تكسّرت، وأنه رفع منها التفصيل وَبَقِيَ فيها الهدى والرحمة.


الصفحة التالية
Icon