أظهرهما : أن " شَمِتَ، أو شَمَتَ " بكسر الميم أو فتحها مُتَعَدٍّ بنفسه كـ : أشْمَتَ الرباعي.
يقال : شَمِتَ بي زيدٌ العَدُوَّ ؛ كما يقال : أشْمَت بي العَدُوَّ.
والثاني : أنَّ تَشْمَتْ مُسْندٌ لضمير الباري تعالى أي : فلا تَشْمَتْ يا رب، وجاز هذا كما جاز :﴿ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١٥ ] ثم أضمر ناصباً للأعْدَاءِ، كقراءة الجماعة، قاله ابْنُ جنِّي.
ولا حاجة إلى هذا التَّكلف ؛ لأنَّ " شَمِتَ " الثلاثيَّ يكون متعدِّياً بنفسه، والإضمار على خلاف الأًصل.
وقال أبُو البقاءِ - في هذا التَّخريج - :" فلا تشمت أنت " فجعل الفاعل ضمير " مُوسَى "، وهو أولى من إسناده إلى ضمير اللَّهِ تعالى، وأمَّا تَنْظِيرُهُ بقوله ﴿ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ فإنَّما جاز ذلك للمقابلة في قوله :﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [ البقرة : ١٤ ] ﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله ﴾ [ آل عمران : ٥٤ ] ولا يجُوزُ ذلك في غَيْر المقابلة.
وقرأ حميد بنُ قيس " فلا تَشْمِت " كقراءة ابنِ محيصن، ومجاهد كقراءته فيه أوَّلاً، إلاَّ أنَّهُما رفعا " الأعْدَاء " على الفاعلية، جعلا " شَمِتَ لازماً فرفعا به " الأعداء " على الفاعليَّة، فالنَّهْيُ في اللَّفْظِ للمخاطب والمُرادُ به غيره كقولهم : لا أرَيَنَّكَ ههنا، أي : لا يكن منك ما يقتضي أن تُشْمِتَ بي الأعْدَاءَ.
والإشمات والشَّماته : الفَرَحُ بِبَلِيةٍ تنالُ عَدُوَّك ؛ قال :[ الكامل ]
٢٥٨٥ -.......
والمَوْتُ دُونَ شَماتَةِ الأعْدَاء

فصل


قيل : واشتقاقُها من شوامِتِ الدَّابة، وهي قوائِمُهَا ؛ لأنَّ الشَّماتة تَقْلِبُ قلب الحاسِد في حالتي الفرَحِ والتَّرحِ كتقلُّب شوامِت الدَّابة.
وتشميت العاطس وتسميته، بالشِّين والسِّين الدعاء له بالخير.
قال أبو عبيد : الشِّينُ أعْلَى اللُّغتين.
وقال ثَعلبٌ : الأصْلُ فيها السِّينُ من السَّمْت، وهو القصد والهَدْي.


الصفحة التالية
Icon