وقال أبو حيان :
﴿ قال ربّ اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ﴾.
لما اعتذر إليه أخوه استغفر لنفسه وله قالوا واستغفاره لنفسه بسبب فعلته مع أخيه وعجلته في إلقاء الألواح واستغفاره لأخيه من فعلته في الصبر لبني إسرائيل قالوا : ويمكن أن يكون الاستغفار مما لا يعلمه والله أعلم، وقال الزمخشري لما اعتذر إليه أخوه وذكر شماته الأعداء، ﴿ قال : رب اغفر لي ولأخي ﴾ ليرضي أخاه ويظهر لأهل الشماتة رضاه عنه فلا يتمّ لهم شماتتهم واستغفر لنفسه مما فرط منه إلى أخيه ولأخيه أن عسى فرّط في حين الخلافة وطلب أن لا يتفرقا عن رحمته ولا تزال متضمنة لهما في الدنيا والآخرة انتهى، وقوله ولأخيه أن عسى فرط إن كانت أن بفتح الهمزة فتكون المخففة من الثقيلة ويقرب معناه، وإن كانت بكسر الهمزة فتكون للشرط ولا يصح إذ ذاك دخولها على عسى لأنّ أدوات الشرط لا تدخل على الفعل الجامد. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ قَالَ ﴾ استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال نشأ من حكاية اعتذارِ هارونَ عليه السلام كأنه قيل : فماذا قال موسى عند ذلك؟ فقيل : قال :﴿ رَبّ اغفر لِى ﴾ أي ما فعلتُ بأخي من غير ذنبٍ مقرِّرٍ من قِبَله ﴿ وَلأَخِى ﴾ إن فرَطَ منه تقصيرٌ ما في كفهم عما فعلوه من العظيمة، استغفرَ عليه السلام لنفسه ليُرضِيَ أخاه ويُظهر للشامتين رضاه لئلا تتم شماتتُهم به ولأخيه للإيذان بأنه محتاجٌ إلى الاستغفار حيث كان يجب عليه أن يقاتلَهم ﴿ وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ﴾ بمزيد الإنعامِ بعد غُفران ما سلف منا ﴿ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرحمين ﴾ فلا غَرْوَ في انتظامنا في سلك رحمتِك الواسعةِ في الدنيا والآخرة، والجملةُ اعتراضٌ تذييليٌّ مقرِّرٌ لما قبله. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾