وقال الكسائي والفراء وأبو عبيد : إن الفتح على تقدير يابن أما.
وقال البصريون هذا القول خطأ.
لأن الألف خفيفة لا تحذف، ولكن جعل الاسمين اسماً واحداً كخمسة عشر، واختاره الزجاج والنحاس.
وأما من قرأ بكسر الميم، فهو على تقدير ابن أمي، ثم حذفت الياء وأبقيت الكسرة، لتدل عليها.
وقال الأخفش وأبو حاتم : ابن أمّ بالكسر، كما تقول يا غلام أقبل وهي لغة شاذة والقراءة بها بعيدة.
وإنما هذا فيما يكون مضافاً إليك.
وقرىء ﴿ ابن أمي ﴾ بإثبات الياء.
قوله :﴿ يَقْتُلُونَنِى فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأعداء ﴾ الشماتة : السرور من الأعداء بما يصيب من يعادونه مع المصائب، ومنه قوله ﷺ :" اللهم إني أعوذ بك من سوء القضاء، ودرك الشقاء، وجهد البلاء، وشماتة الأعداء " وهو في الصحيح.
ومنه قول الشاعر :
إذا ما الدهر جرّ على أناس... كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا... سيلقى الشامتون كما لقينا
والمعنى : لا تفعل بي ما يكون سبباً للشماتة منهم.
وقرأ مجاهد ومالك بن دينار " فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأعداء " بفتح حرف المضارعة، وفتح الميم، ورفع الأعداء على أن الفعل مسند إليهم، أي لا يكون ذلك منهم لفعل تفعله بي.
وروي عن مجاهد أنه قرأ " تُشْمِتْ " كما تقدّم عنه مع نصب الأعداء.
قال ابن جني : والمعنى فلا تشمت بي أنت يا ربّ، وجاز هذا كما في قوله :﴿ الله يَسْتَهْزِىء بِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١٥ ] ونحوه، ثم عاد إلى المراد فأضمر فعلاً نصب به الأعداء، كأنه قال : ولا تشمت يا ربّ بي الأعداء، وما أبعد هذه القراءة عن الصواب، وأبعد تأويلها عن وجوه الإعراب.
قوله :﴿ وَلاَ تَجْعَلْنِى مَعَ القوم الظالمين ﴾ أي : لا تجعلني بغضبك عليّ في عداد القوم الظالمين، يعني الذين عبدوا العجل، أو لا تعتقد أني منهم.


الصفحة التالية
Icon